19 سبتمبر 2025
تسجيليذكر «نيتشه» أن شعبه الألماني كان مريضاً بالتاريخ مما تسبب في طمس الشخصية الفردية للمواطن، وأشار أن المرض بالتاريخ أو التاريخ كمرض سبب في تخلف الأمم ونادى بإذكاء مَلكة النسيان كوسيلة للخروج من هذا المرض وتخليص الحاضر من قبضة الماضي، وأنا أرى أن أكثر الدول تقدماً هي الدول التي تخلصت من «مرض» التاريخ وأكثرها تخلفاً هي المصابة بمرض التاريخ، انظر إلى أمريكا، كندا، أستراليا، أوروبا الغربية بعد شفائها من ذلك، وانظر إلى عالمنا العربي المريض بالتاريخ تخلف حتى النخاع و«يا ريته تاريخ حقيقي»، تاريخ متخيل، لإنسان مريض بالنرجسية الكاذبة، عَلى مستوى الأمة، نجد أن التاريخ معظمه متخيل ومتضخم ويزداد تضخماً لدرجة تعيق الحاضر من التحرك، عَلى مستوى الدول، هناك همّ مستمر في الركون إلى التاريخ في تجديد دور الدولة وأهميتها باستمرار وإعادة التأكيد بعد التأكيد عَلى دورها وتاريخها ولو كان ذلك مجرد تلفيق، معارك هنا وغزوات هناك و…. في حين أن الحاضر مستورد بأكمله، عَلى مستوى الأفراد هناك حاجة مستمرة للعودة إلى التاريخ، تاريخ القبيلة، وأماكن التواجد وتحت أي تراب ولدت وتحت أي تراب ستدفن، عليك أن تبحث تحت الحصى والمحاجر لتثبت تاريخك وتزور شجرة قبيلتك، هذا هو الإنجاز لمجتمعات مريضة بالتاريخ، عليك أن لا تنسى البتة، تتذكر دائماً وتزور ما استطعت ثم تختار الدولة منه ما تشاء وتعيد لك الباقي حسب ما تراه وما يناسب أنبياء اليوم، أليس هذا التاريخ مرضاً؟، ثم أن هناك سفينة نوح للناجين تاريخياً، ولو كانوا من الراسبين حضارياً علماً وإنتاجاً، لقد كان نيتشه محقاً حين نادى بإحياء مَلكة النسيان للشفاء من مرض التاريخ، لكن ثقافتنا تقول شيئاً آخر عليك أن لا تنسى التاريخ، بل وأن تعيش فيه حتى وإن كان تخيلات وتراكم أقوال وتصورات وشجيرات تُرسم وكتب تزور. [email protected]