11 سبتمبر 2025

تسجيل

دافوس والثورة الصناعية الرابعة

20 يناير 2019

احتدام التوترات التجارية وتراجع الثقة في المؤسسات قال المدیر العام للمنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب إن دورة المنتدى ھذا العام التي سوف تبدأ هذه الأسبوع سوف تركز على تمكین العولمة من مسيرتها في طورھا الرابع مع الثورة الصناعیة الرابعة والتي یجب أن تشمل أیضا عولمة التعامل مع أزمات التغیرات المناخیة السلبیة والشمولیة والحوكمة الدولیة. وحذر شواب من دخول العالم «فترة من عدم الاستقرار العمیق بسبب إعادة تنظیم القوى الجیوسیاسیة والجیواقتصادیة.» وقال إن الثورة الصناعیة الرابعة الجاریة حالیا یجب أن تتمحور حول الإنسان وان تكون شاملة ومستدامة وان تأخذ بعین الاعتبار أولئك الذین فاتھم قطار العولمة أو تتضرروا منھا. وحقيقة غير واضح لدينا كيف سيوفق العالم بين الدخول في المرحلة الرابعة من الثورة الصناعية وبين أن تتمحور حول الإنسان. فهذه الثورة وفقا لكتاب أصدره شواب نفسه تستند إلى الثورة الرقمية، حيث تصبح التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات وحتى جسم الإنسان. ووفقا لتعريفه، تتميز الثورة الصناعية الرابعة باختراق التكنولوجيا الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النانو، والحوسبة الكمومية، والتكنولوجيا الحيوية، وإنترنت الأشياء وغيرها. وهذه كلها صناعات قد تؤدي بالفعل إلى سهولة وصول الخدمات للإنسان، لكنها سوف تقلص كثيرا حجم الاقتصاد الحقيقي الذي يحتاجه الإنسان لتوليد الوظائف. لقد ظل دعاة العولمة يبشرون العالم بأنه سوف يصبح قرية كونية صغيرة تتغذى من بعضها بعضا، وان يعم الخير والسلام جميع من يسكن هذه القرية. لكن صعود التيارات الشعبوية واليمينية في أوروبا والولايات المتحدة هي أكبر دليل على فشل ما بشرت به العولمة. لذلك لا يمكن للعولمة أن تتمحور حول الإنسان، كما لا يمكن للثورة الصناعية الرابعة التي تقوم على الروبوت أن تكون مستدامة وشاملة للبشرية. فهي صناعة النخبة، ولن يستفيد منها سواء الطبقات التي كرست العولمة مصالحها في العالم. وبعيدا عن هذه التمنيات، أصدر منتدى دافوس نفسه دراسة بالتزامن مع قرب انعقاده تستند إلى تحقيق شمل نحو ألف خبير من مسؤولي مؤسسات، وشخصيات سياسية، وممثلين عن المجتمع المدني وأساتذة جامعات تركزت حول مدى قدرة المجتمع الدولي على خفض انبعاثات غازات الدفيئة. وتشير الدراسة إلى مخاطر الفيضانات الكارثية في مناطق شاسعة في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، المهددة على الأرجح بارتفاع مستوى المحيطات، ما قد يهدد مصير 78 مليون مواطن في الصين وحدها. وعلى أرض الواقع أيضا وبالتزامن مع منتدى دافوس نشر صندوق النقد الدولي للسيد ديفيد ليبتون النائب الأول لمدير عام الصندوق حذر فيه من التحديات المعقدة التي يواجهها الاقتصاد العالمي بسبب التغير التكنولوجي والعولمة، إلى جانب الآثار الباقية منذ الأزمة المالية في 2008-2009. وفي نفس الوقت، نشهد تراجعاً في مستويات الثقة في المؤسسات الأساسية التي ساعدت على تحقيق نمو هائل طوال 40 عاماً. وتهدد هذه التطورات بتفتيت النظام الدولي الذي يحكم الاقتصاد العالمي. ومن أعراض هذا التفتت احتدام التوترات التجارية، والشقاق داخل المؤسسات متعددة الأطراف وفيما بينها، وضعف الجهود المبذولة لمعالجة التحديات العابرة للحدود في القرن الحادي والعشرين، مثل تغير المناخ، والجريمة الإلكترونية، وتدفقات اللاجئين. وعلى أرض الواقع أيضا تظهر أحدث تقديرات البنك الدولي أنه لا يزال هناك 736 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.9 دولار يوميا، أي تحت خط الفقر، إن على قادة العالم وصناع القرارات والسياسات والمفكرين والباحثين أن يعيدوا النظر في كافة أدبيات وتنظيرات العولمة وأن يبادروا للتصدي الجدي لهذه المخاطر والتهديدات.