14 سبتمبر 2025
تسجيلترى ماهي الخطوة القادمة التي ستتخذها السعودية بعد التسريب الذي هز العالم، وأثبت نقلاً عن وكالة الاستخبارات الأمريكية أن ولي العهد السعودي ليس ضالعاً في جريمة قتل جمال خاشقجي فحسب وإنما كان الآمر الفعلي لها؟!، بل ماهي الرواية الجديدة التي تجهزها الرياض هذه المرة للرد على تقرير الـ CIA الذي أكد شكوك العالم حول تورط محمد بن سلمان في هذه الجريمة البشعة التي قوضت معنى الإنسانية والرحمة الذي قام عليهما ديننا الإسلامي الحنيف؟!، فهذه الإفادة والتي عمدت الاستخبارات المركزية على تسريبها لأحد أهم صحف أمريكا انتشاراً وهي النيويورك تايمز ما كانت لتصل إلى الرأي العام العالمي لولا الرغبة في الضغط على الرئيس الأمريكي الذي ما انفك يدافع ويدحض كل التهم التي تطول الطفل المدلل له في السعودية، ورغم أن ترامب الذي وصف التقرير الاستخباراتي بأنه سابق لأوانه وقال إنه سيصدر رأيه الرسمي حول هذا التقرير خلال يومين يعلم بأن هذه الجريمة ما كانت لتقع إلا بإشارة من ابن سلمان إلا أنه يرتب حالياً مع أقرب مستشاريه ما يمكن أن يوصف بأنه التفاف حول تقرير مخابراته، وكما يبدو في الوقت نفسه أن ترامب يصيغ هو الآخر رواية أخرى جديدة يدافع بها عن غلامه القاتل لكنه قد يصطدم برد تركي يجعل الدائرة تضيق من جديد على ولي العهد السعودي، فترامب منذ بداية هذه الحادثة ونحن نراه يسابق الجانب السعودي في سرد روايات تارة حول هوية القتلة وتارة حول التحقيق الشفاف الذي تجريه الرياض وتنتظر واشنطن نتائجه، ولولا الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي من مجلسي النواب والشيوخ والمؤسسات الإعلامية والحقوقية في بلاده لكان ترامب مساهماً فاعلاً في التستر على كل حقائق هذه الجريمة، ولكان محمد بن سلمان اليوم في البيت الأبيض يقدم مكافأته الخاصة لترامب ويقرعان معاً كؤوس النصر!. قد يسأل أحد منكم لمَ لا تزال لغة التسريبات هي الدارجة حتى الآن رغم أن الجريمة وقعت منذ ما يقارب 45 يوماً ؟!، ولم قامت أمريكا وتركيا باعتماد هذه الطريقة رغم أنه بات من السهل قول الحقيقة اليوم واستثنى الرياض من هذا الخيار؟!، وفي رأيي أن التسريبات هي ما أوصلتنا اليوم لما بات حقيقة، وهذه التسريبات عملت بلا شك على الضغط على السعودية التي وجدت نفسها محاطة بكمية حقائق خفية تجبرها على الإقرار بها، وهذا ما رأيناه فعلاً بعد إنكار لقتل خاشقجي وادعاء دخوله وخروجه سالماً من القنصلية إلى قول الجبير إن كل ما تقوله الجزيرة هو الصحيح في هذه الجريمة!، كما أن هذه التسريبات هي من تجعل الرياض اليوم على أهبة أهم تغيير في تاريخها الذي قد يزيح غيمة محمد بن سلمان السوداء ويأتي بسحابة بيضاء نقية تتولى ما عجز عنه هذا الصغير المتهور!، وهي التسريبات نفسها التي تتلاعب أنقرة بها في الرأي العام السعودي الإعلامي المتقلب ما بين ذم وقدح لأردوغان ونهاية بمدحه والتغزل به، وأنا متأكدة أنه مع أول تصريح رسمي تركي يفند ما حاولت الرياض طرحه كحقيقة في هذه القضية سيعود الأمر إلى بادئه وستصبح تركيا هي الدولة الشريرة!. نعم، نتمنى لو أن أستار هذه الجريمة تسدل، وتظهر الحقائق كاملة ولكن ليس بالنسخة السعودية التي باتت في حيص بيص، ولكنها الحقيقة التي نتمنى معها أن ترقد روح خاشقجي في سلام، وأن يؤخذ حقه بأي طريقة كانت، وما تحاول تركيا فعله من خلال صوتها الذي بدأ يعلو في ضرورة تدويل القضية بعد أن يأس الجانب التركي من صدق نظيره السعودي الذي يحاول تضليل مسار القضية لما يمكن أن يؤدي لإنقاذ شخصية مهمة أمرت بالقتل، ورغم أن الرياض ترفض التدويل لإيمانها بأنها تمتلك قضاءً نزيها وبارعاً إلا أن الأصوات العالية التي تنطلق من حناجر أعضاء وحقوقيين أمريكيين وأوروبيين ودوليين ستجبرها يوماً على القبول بدخول محققين دوليين لإجراء تحقيقات مع المتهمين الذين يبدون اليوم تحت خطر التصفية باسم القصاص وأحكام القضاء وفقدانهم كشهود على كل ما جرى، وهذا ما يمكن فعلاً أن يحدث ونبه له أعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ الرئيس ترامب لإمكانية حدوثه، ولكن من عليه أن يوقف هذا العبث بالأرواح في الرياض؟!، من عليه أن يثأر لدم خاشقجي المغدور غيلة في قنصلية بلاده وسلطة بلاده هي من تسعى لطمس الحقيقة في مقتله؟!، ولذا فهذه التسريبات تبدو بداية لإعصار من الحقائق ستجعل الجبير يتمنى لو لم يذكر اسم الجزيرة!. ◄ فاصلة أخيرة: لا يستطيع أحد أن يخفي الشمس بغربال.. هذه حقيقة ! [email protected]