28 أكتوبر 2025
تسجيلتطورت وسائل وأساليب الإعلانات في السنوات الاخيرة واقتحمت بيوت الكثير منا حتى باتت تهدد بإسقاط ما تبقى من بعض القيم والتقاليد والأرصدة البنكية، وأضحت حاجتنا ملحة إلى وضع معايير أو ميثاق شرف يحكم وسائل الإعلام المختلفة. فالإعلان مسار تثقيفي استهلاكي يسير عقليات الناس دون أن يدركوا غالباً في اي اتجاه يسيرون عليه من قبل مصمّمي الإعلانات، فمصير المستهلكين لم يعد في جيوبهم ولا بين أيديهم، إنه يلعب أمام أعينهم، والتاجر هو المستفيد المباشر من الإعلانات التجارية حيث يخفي وراءه المستفيد الأكبر، الشركات المنتجة، وما يتصل بها من نظام اقتصادي واجتماعي وثقافي.الإعلان إن لم يتم وضع ضوابط له يعتبر أخطر واقعة اجتماعية وإعلامية وثقافية واستهلاكية في عصرنا، فقد أصبح الإعلان أحد معالم المجتمع الحديث والذي لا يمكن الاستغناء عنه، إنه صناعة يزداد ثقلها يوماً بعد يوم ومؤسسة قائمة بذاتها، كونه نشاط يقدِّم رسائل مرئية ومسموعة ومقروءة لأفراد المجتمع، لإغرائهم على شراء سلعة أو خدمة مقابل طبعاً أجر مدفوع، في كل من السويد والنرويج يعتبر الإعلان ممارسة غير قانونية، تفرض قيوداً عليه بغية الحد من حجم الإعلانات في وسائل الاتصال ونوع السلع التي يروج لها، فلماذا يستخدم الإعلان في بلدنا وفي دول المنطقة على وجه التحديد بهذه الكثافة والاندفاع؟ كمستهلكين فإن فهم الإعلان يعني أيضاً فهم الإغراءات المختلفة المستخدمة في وسائل الإعلان، فهي اغراءات جمالية واغراءات فكرية، ونحن كبشر نحب التملك ونستمتع باقتناء الممتلكات والحصول على المال لشرائها.الاغراءات التي يندفع اليها المستهلك وتستحوذ اهتمامه أكثر هي مصداقية الإعلان، والقيمة الترفيهية له، وقوته الاجتماعية والفوائد التي تعود عليه منه.. هذه الاعتبارات وغيرها تظل مشاغل هامة في عقول الناس، لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الإعلان قوة ضخمة في المجتمعات الحديثة، وهو جزء هام من محتوى أجهزة الإعلام. الاندفاع المتسارع نحو تصميم مجتمع استهلاكي يلعب الاعلان فيه دورا كبيرا ومؤثرا، يحتاج الى تقنين والى جهة رسمية مختصة تخضع كل الإعلانات للتدقيق والرقابة لتضمن حماية حقوق المستهلكين أو على الأقل توفير الحد الأدني من الحماية بحيث لا يتم التلاعب بالكلمات والألفاظ لخداع الناس من خلال اللعب على أوتار حساسة مثل أقل الأسعار أو أفضل الخدمات والأوحد على مستوى العالم، والمنتج الذي لا يقهر .... وغيرها.الكاتب الامريكي ريتشارد زاكيا يصر على رفع شعار قديم هو "لا تدعهم يضعون الستار أمام عينيك" وأضاف عليه "لا تدعهم يضعون الستار على أذنيك وأنفك" لذا يرجع صاحب الكتاب المسؤولية على الناس فيقول "لقد قمنا ببيع حريتنا مقابل حفنة من الأشياء التافهة بينما نتخيل ونمثل دور أننا.... أحرار". وسلامتكم