12 سبتمبر 2025
تسجيلتكلمنا فى المقال السابق عن البخل والبخلاء وتطرقنا إلى أنواع البخل والآثار النفسية والإجتماعية السلبية المترتبة على هذه الصفة المكروهة فى كل المجتمعات .. وتوصلنا إلى أن خير الأمور الوسط . هذا عن البخل المادى .. وقد يتساءل البعض .. هل هناك بخل فى غير المادة ؟ هناك نوع آخر من البخل لم نتطرق إليه فى مقالنا السابق .. ولا أعتقد أن الكثير من الكتاب تناولوه .. خاصة عند الكتابة عن البخل .. وهو البخل العاطفى .. أو البخل الإنسانى .. وهو - على سبيل المثال - بخل الرجل تجاه شريكة حياته .. بالمشاعر الرقيقة .. والكلمات الحانية .. أو حتى المعاملة الإنسانية الكريمة . وهذا النوع من البخل نجده سائدا فى المجتمعات الشرقية أكثر منها فى المجتمعات الغربية .. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى الإعتقاد السائد لدى الشرقيون - وخاصة الرجال منهم - أن البوح بالمشاعر الإنسانية .. أو حتى مجرد إظهارها .. يعتبر نوعا من أنواع الضعف الذى لا ينبغى أن يكون سائدا وسط الرجال . والغريب فى هذا الأمر أن معظم الرجال – إن لم يكن جميعهم – يشكون من أن الزوجات لا يمنحونهم المحبة والإهتمام بدرجة كافية .. حيث تذهب كلها إلى الأبناء متى صارت الزوجة أما .. ويصبح البيت ورعاية الأطفال هو الشغل الشاغل لهذه الزوجة.. والتى تزوجها الرجل لتكون له حبيبة ورفيقة . وللبخل العاطفى – من أى من الزوج أو الزوجة – آثار إجتماعية ونفسية فى غاية الخطورة تهدد كيان الأسرة وقد تؤدى بها إلى التفكك .. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من المشكلات الأسرية غالبا ما يكون السبب الأساسى لها هو إفتقار المودة والرحمة بين الزوجين حيث يكون أحد الطرفين بخيلا من الناحية العاطفية أو الإنسانية .. وعلينا – نحن معشر الرجال – أن نعترف بأن معظمنا يجامل أصدقائه وزميلاته فى العمل بأكثر مما يفعل مع الزوجة القابعة فى المنزل .. والمحملة بمسئوليات البيت والأولاد بكلمة حانية أو لمسة محبة أو حتى نظرة شكر .. لا شك أنها تنتظر ذلك وأكثر .. ونهمس فى أذن صاحبنا – الرجل الشرقى – أنك ستثاب على معاملتك الحسنة لزوجتك . وفى الوقت ذاته من الواجب أن تكون الزوجة متفهمة لما قد يكون لدى زوجها من ضغط أو مشاكل تحول دون تواصله معها بالشكل الذى تنتظره .. ومن ناحية أخرى فإن الزوجة مطالبة أيضا بأن تمنح زوجها الإهتمام الكافى ولا تهمله ولا تهمل نفسها لإنشغالها فى الأمور الحياتية مثل البيت والأبناء فالزوج أيضا مثلها يحتاج الى الدفء العاطفى . وللوصول إلى ما يكفل السعادة للزوجين .. يجب علينا التسليم بأن الدفء والمحبة والإهتمام بمثابة الغذاء لقلب المرأة وروحها .. وأن الرجل لا يختلف عنها فى ذلك .. وأن الله تعالى جعل المرأة سكنا للزوج والعكس صحيح .. فكلاهما يحتاج إلى المشاعر الإنسانية والمودة والرحمة وأن يكون كل منهما على ثقة من حب الطرف الآخر وإخلاصة . فإحذر البخل العاطفى عزيزى القارئ وإحذريه كذلك عزيزتى القارئة وليرفع كلاكما شعار المودة والرحمة والتفاهم .. فهذا أفضل لكما ولأطفالكما .. واعلما أن اليوم الذى يمر لن يعود فاحرصا على أن تكون حياتكما يملؤها الصفاء .. مع أطيب التمنيات للجميع بالسعادة والهناء . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : [email protected] [email protected]