11 سبتمبر 2025

تسجيل

نحن الأموات وليسوا هم

19 أكتوبر 2023

كانوا يلعبون ويستشعرون الأمان في جنبات مستشفى المعمداني في غزة الذي كانوا يظنون أنه لا يمكن لآلة القتل الصهيونية أن تطالهم هنا في هذا المكان المحرم دوليا وإنسانيا من الاقتراب منه مهما كانت الحرب مشتعلة والصواريخ تدك دكا في الأرض والسماء حتى غدرت إسرائيل بحرمة هذه الأرض وتفتتت أشلاء الأطفال هنا وهناك مع عائلاتهم وأطبائهم ليستشهد ما يزيد على 500 شهيد كانوا حتى ثوان قبل القصف يأخذون أنفاسهم بصعوبة من هول الفقد والألم والشتات والضياع، والعالم يرى والعرب يرون والإنسانية التي لطالما تغنوا فيها، تقبر نفسها بنفسها وهي تتمتم لا دخل لي بهذه الوحشية وذاك الإرهاب الذي لم تستطع الجيوش العربية على قوة جيوشها أن تطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل لتكف إرهابها وآلة القتل الوحشية عن شعب أعزل لم ير حرية ولم يشعر بطعمها منذ 75 سنة، بل إن أطفاله ولدوا تحت الاحتلال ولا حتى إدانة صريحة لهذه المجزرة التي قلبت التاريخ علينا في تكرار مجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا والحكومات العربية تنظر وتحوقل وتنام ثم تنظر وتحوقل وتنام وكأن الأمر لا يعنيها، واليوم ومع مجيء بايدن الممول الأول للعدوان الإسرائيلي الإرهابي الذي اختتم ليلته قبل الماضية بمجزرة مروعة تتسابق بعض الشخصيات العربية لمداهنة الولايات المتحدة الأمريكية كالتصريح غير المسؤول الذي أدلى به الرئيس المصري السيسي حينما قال إنه إذا كان لابد لتهجير أهل غزة فيمكن نقلهم إلى صحراء النقب الإسرائيلية لحين إنهاء إسرائيل مهمتها المعلنة في تصفية حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، فهل يعقل أن يكون هذا التصريح غير المسؤول لرئيس دولة مجاورة لقطاع غزة وكانت حتى الأمس تدعو العالم لإرسال مساعداتها الإنسانية إلى مطار العريش المصري لإدخالها لأهالي غزة المحاصرين وممنوع عليهم الغذاء والدواء والماء والمعدات الطبية منذ بدء العدوان الإرهابي الإسرائيلي ؟! هل يعقل أن تكون مصر التي كان العرب يقولون إن الرصاصة الأولى تجاه إسرائيل سوف تنطلق منها يقول رئيسهم هذا التصريح الذي يدل على أن القاهرة لا تمانع مبدأ التهجير وتكرار نكبة اللاجئين الذين لا يمتلكون حق العودة بشرط أن يبتعدوا عن الأرض المصرية وسيناء تحديدا لكيلا تنجر مصر إلى حرب مباشرة مع إسرائيل ومن مبدأ (ابعد عن الشر وغني له) ؟! كما إنها أيضا لا تعترف بحق المقاومة في الدفاع عن نفسها ضد مغتصب مارس أعتى أساليب الوحشية والتصفية والاعتقالات الموسعة وانتهاكات مستمرة لحرمة المسجد الأقصى والتعرض للمصلين بالإهانات والاشتباكات ومنعهم من الصلاة وممارسة معتقداتهم الدينية بكل حرية في المسجد وباحته !. اليوم بلغ منا الغم والحزن والقهر والكمد والغضب غايتهم منا حتى بتنا نشعر بالأسف لأننا أحياء نُرزق نأكل ونشرب وننام ونتنزه ونأمن على أنفسنا وأموالنا وبيوتنا وممتلكاتنا وأهل غزة يستشهدون وحين تسأل أحدهم كيف حالك أيها الغزاوي البطل يجيبك الحمدلله بخير وأنت تعلم بأن كلمة (بخير) تعني إنه لم يُستشهد بعد وإنه على طريق الشهداء لا محالة ولن أسأل أين العرب لأن هذا السؤال يعني كل العرب من شعوب وحكومات وأنا أشهد الله أن حال الشعوب العربية ليس بأحسن من حالي أنا كمواطنة عربية أبكي الآن بحرقة على هذه المشاهد المؤلمة لأهلنا في غزة وعاجزون عن فعل أي شيء لهم سوى بالكلمة والدعاء والتبرعات التي قد لا تصل لهم بأي حال من الأحوال ولكني أعلم بأن الحكام العرب يستطيعون ما تعجز عليه الشعوب وقادرون على مواجهة إسرائيل ومن وراءها لكن مصالحهم تفرقهم وهي نفسها من تضعفهم والحسابات لكل حكومة عربية هي من تجعلها صنما أمام كل هذه المجازر الوحشية التي لا يمكن أن يتخيلها أي بشر وقطار التطبيع الذي يتوقف أياما ويستمر لمدى الحياة يدور في الأذهان وبالآلة الحاسبة يتم الجمع والطرح والقسمة والضرب لحساب الربح والخسارة من كل هذا ولذا تكون الضحية الأكبر تلك القضية المنسية وذاك الشعب المغبون المقتول بأيدي أشقائه العرب قبل أن تتمكن إسرائيل منه ونحن ضحاياهم الذي يغلبنا الكمد والقهر من هذا التخاذل ولكن يظل الأمل بالله قائما وأقوى من الجميع بإذن الله.