02 أكتوبر 2025
تسجيللا شك أن للراعي والرعية حقوقاً وواجبات، وهي من الحقوق الأساسية البشرية المتعارف عليها في جميع المجتمعات، وقد بيّن الإسلام في العديد من نصوصه تلك الحقوق، وجعلها ضرورية لاستمرار حياة المجتمعات وفقاً لأسس العدل والمساواة بين جميع فئات المجتمع، وكذلك من أجل أن يرى الحاكم نفسه مسؤولاً أمام الله بأن يخدم رعيته وشعبه وأن يحكمهم وفق قواعد محددة من الرعاية وطلب العدل وتحقيقه بين الناس. ولعل نبراس العلاقة بين الحاكم والمحكوم بينها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم في حديثه (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع عن مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه، فمن حقوق الراعي على رعيته السمع والطاعة في جميع الأمور، ما عدا التي تخالف شرع الله ونواهيه، ومن حقوق الراعي أن يتم نصحه وإرشاده وتقويمه في حالة الوقوع في الخطأ وذلك باللطف واللين، ومن حقوق الرعية على الراعي أن ينشر العدل بينهم، وتلبية جميع الاحتياجات الدينية والدنيوية ومراعاة المصلحة العامة لجميع الرعية دون تفرقة. وأيضاً من حقوق الرعية على الراعي أن يقوم الحاكم أو السلطة الحاكمة بتعيين المسؤولين المناسبين وفقاً للأمانة والكفاءة وحسن التصرف وغيرها من القدرات والمهارات والقيام بالمتابعة والمراقبة الصحيحة على عملهم بشكل مستمر ودائم، ومن حقوق الرعية كذلك أن تقوم السلطات الحاكمة بتقوى الله في الأمر الذي أُسند إليها وعدم الاعتداء على حقوق المواطنين، وأن تحرص على حل قضاياهم وتوفير كل ما يلزمهم من حقوق واحتياجات. ونحن في قطر وبعد اختيار أول مجلس شورى منتخب، يقع على كاهله العمل كمجلس تشريعي يشرّع القوانين التي تنظم سير عمل الدولة وتحقق مصالح شعبها ويتعاون في هذا الأمر مع السلطات التنفيذية ممثلة بالحكومة والسلطة القضائية ممثلة بأجهزتها القضائية، والقطريون يترقبون أول دور انعقاد لأول مجلس منتخب في تاريخ بلادهم في السادس والعشرين من الشهر الجاري، يتطلعون من خلاله إلى أن تتحقق تطلعاتهم وآمالهم عبر ممثليهم في هذا المجلس الذي تقع عليه المسؤولية الكبرى في وضع التشريعات التي تحقق العدل والمساواة بين كافة المواطنين القطريين (دون تفرقة). وعلى النائب الذي وصل بفضل أصوات ناخبيه وأبناء وبنات دائرته أن يضع نفسه مكان هذا المواطن، وعليه أن يسأل نفسه أولاً؛ كيف أكون أميناً وصادقاً مع من منحوني ثقتهم وهو ما يجب أن أعكسه على كل مواطني قطر وليس أبناء دائرتي فقط ؟، المواطن يريد أن تتحقق له متطلباته كمواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدم له في كافة المجالات، الصحة والتعليم والإسكان والبيئة والأمن والرفاهية وكل ما يُسهم في تحقيق دولة الرفاه، المواطن يحتاج إلى ضمان مستقبل أبنائه وتحقيق أعلى معايير حياة الرفاهية والاستقرار، المواطن يحتاج إلى أن يشعر بأن هذه الثروة والخيرات التي تنعم بها الدولة هي ملك لهم ولأجيالهم، وذلك بإيجاد الامتيازات واستمراريتها، وعلى رأسها دعم الرواتب وتطبيق التأمين الصحي ورفع أسعار كوبونات التعليم وإيجاد حلول لغلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات والامتيازات التي تُشعر المواطن حقيقة بأنه على رأس أولويات المجلس والحكومة. المواطن أيضاً بحاجة إلى معالجة التركيبة السكانية وعمل توازن مدروس يحقق للمجتمع الأمان الاجتماعي وعدم تأثره بعادات وسلوك الآخرين، والعمل على رفع درجة المحافظة على التمسك بشريعتنا السمحاء وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، والمجتمع بحاجة كذلك من المجلس والحكومة لوضع خطط ناجعة لمواجهة تزايد حالات الطلاق والعنوسة وما تعانيه بعض الأسر من تصدع أسري نتيجة الخلافات التي تحدث بعد الطلاق، نحن بحاجة كذلك إلى المحافظة على هويتنا القطرية وألا يتأثر أبناؤنا بأي تأثيرات تتعلق بالتعليم أو حتى التطبع بطبائع تخالف الدين والأعراف كأن تظهر الفتاة بملابس غير محتشمة لا تمثل عاداتنا وتقاليدنا القطرية المحافظة. لدي المجلس ملفات متخمة بالقضايا والهموم والهواجس التي ألقتها الدولة والشعب على كاهلهم، نسأل الله أن يُعينهم على قضائها وأن يجعلهم خير ممثلين لهذا الشعب الطيب الذي يستحق الخير كله. [email protected]