19 سبتمبر 2025

تسجيل

الجامعة كانفتاح على العالم

19 أكتوبر 2020

أثناء دراستي في جامعة قطر حتى تخرجي في عام 82 كنت أشعر بهيمنة كلية الشريعة على باقي الكليات الاخرى في الجامعة، حيث كنت منتسبا الى قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، وكانت الجامعة أشبه بالمعهد الديني الكبير، رغم وجود تخصصات أخرى، إلا أنها لا تملك نفس الزخم المتوفر لكلية الشريعة، لا حجماً ولا كيفاً. لا أعترض على وضعها، لكني أتحفظ على همينتها التي كنت أشعر بها آنذاك، يجب أن تحظى جميع الكليات بنفس الاهتمام والصرف والتوسع، لا يمكن الاعتراض هنا بسوق العمل مثلاً، لأن جميع هذه التخصصات اجتماعية، فهي ليست مهنية سوى في التدريس، ثم إن معهد الدراسات الاجتماعية المجاور يتكفل بدراسة الطالب وبسكنه وبإقامته في الدولة كذلك، وربما أيضا في "توظيفه". فبالتالي يمكن إعطاء محفزات للالتحاق بالدراسات في قسم علم الاجتماع والفلسفة، فنحن بحاجة الى خريجين أكثر من حاجتنا الى طلبة ماجستير ودكتوراه، تماماً كما يحصل اليوم في دول الخليج، لم يكن هناك في أيامنا قسم للفلسفة، بالرغم من وجود استاذ واحد متخصص في الفلسفة الاسلامية هو الدكتور خليف - رحمه الله - ويعطي درساً اختيارياً، كما أن هناك دكتور آخر متخصصا أيضاً في الفلسفة الاسلامية ضمن كادر كلية الشريعة، هو الدكتور محمد إبراهيم الفيومي رحمه الله، الاقسام الاخرى الاجتماعية كانت صغيرة وغير مكتملة. فعلم الاجتماع مندمج مع الخدمة الاجتماعية، مما يجعل الطالب متخرجاً ناقصاً في تخصصه الاصلي، كنا نستفيد من الدكاتره الزائرين ومحاضراتهم. أعتقد اليوم أننا بحاجة قصوى لتوسيع مجال التخصصات الاجتماعية والفلسفية ما أمكن، لا أعرف وضع علم الاجتماع اليوم ولا وضع الفلسفة في جامعة قطر اليوم، كأقسام مهمة جداً لمواكبة التغير السريع الذي تمر به البلاد والعالم بشكل أعم، هناك طموح واضح من خلال إنشاء مركز ابن خلدون للأبحاث الاجتماعية، لكن لكي يحقق هدفه لابد له من رافد واسع وعميق يتمثل في التشجيع للالتحاق بالدراسات الاجتماعية وتخصصاتها، والفلسفة واقسامها. لم تستطع الجامعة منذ ذلك اليوم وربما الى الآن إيجاد فكر نقدي لدى طلبتها، بقدر ما أوجدت موظفين لم تزدهم الشهادة سوى راتب وظيفة ومنصب، على الرغم من وجود أمثلة رائعة على عقول ذكية ونابهة من شبابنا من الجنسين بفعل تطور أدوات العلم والرغبة لديهم. نرى في دولة الكويت الشقيقة مثلاً أن معظم الفلاسفة العرب من أمثال عبدالرحمن بدوي وزكي نجيب محمود وفؤاد زكريا وتوفيق الطويل وغيرهم كانوا أساتذة في جامعة الكويت، وكان لهم دور كبير في ترسيخ حرية التعبير والرأي، التي تتميز بها الكويت اليوم عن غيرها من دول الخليج الأخرى. أتمنى أن يعزز قسم الاجتماع إذا كان موجوداً أصلاً بأساتذة أعلام في هذا التخصص من المغرب او من المشرق العربي، وأن ينشأ قسم للفلسفة ويعزز بأساتذة على مستوى عال، حتى تنتقل جامعة قطر من المبنى الى المعنى، ومن العقلية المطلقة الى العقلية النسبية التي لا تصدر الأحكام المطلقة مع اعترافها بوجود المطلق النسبي الذاتي. [email protected]