13 سبتمبر 2025
تسجيللعلني كنت المصري الوحيد الذي لم يتفاءل حين صدر القرار الجمهوري بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد التربوي في مصر، ولم يكن لعدم تفاؤلي أية صلة بتلك الهيئة الوليدة، بل كان سببه هو فهمي العميق المبني على تراكم خبرة ثلث قرن من العمل في الحكومة، فالعرف الحاكم السائد في جميع مؤسسات وهيئات التعليم العالي والعام هو سياسة (كله تمام يا أفندم !!).والنمط الإداري المفضَّل لدى كبار كهنة معبد آمون في وزارة التربية والتعليم هو (أنا ومن بعدي الطوفان) وما ساد ذلك النمط إلا بعد أن تعودت الوزارة – من أوائل التسعينيات- استيراد خبراء جامعيين لا صلة لهم بالعمل المدرسي الحقيقي، ولا أيديولوجية تحكم سياساتهم، ولا هدف واضحا أمامهم إلا مشتقات المادة اللغوية (هبر – يهبر – هبرا) وشقيقتها (نخع – ينخع – نخعا) ففي ظلال تينك المادتين اللغويتين تم تسويق [التقويم الشامل – التشعيب – إعادة توزيع المقررات الاختيارية والإجبارية- مجالس الأمناء– المعايير القومية- التعلم النشط – التعلم التعاوني – التعليم المجتمعي: المدارس صديقة البيئة- والمدارس صديقة الفتيات – ومدارس للأمهات بدون زواج – و..و... إلخ ]..وكل عنوان من تلكم العناوين ينطبق عليه وصف (كلمة حق أريد بها باطل) فلا أحد من التربويين أو غيرهم يتنكر لفاعلية أي مصطلح من تيكم المصطلحات، ولكن الإنكار الحقيقي والحتمي والضروري والملح هو: لكيفية التنفيذ، وقبلها: لمدى ملاءمة تلك الأفكار للواقع المزري لمدارسنا، وقبلهما: للمدى المتاح من الحريات للمعلمين وللإدارة المدرسية، فنيا وماليا وإداريا.أقول قولي هذا بمناسبة هذا الخبر المزعج الذي علمت به من أبنائنا الحاصلين على إجازات من الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد تتيح لهم أن يعملوا مع الهيئة كمراجعين خارجيين للمدارس المتقدمة للاعتماد، وهم أساسا يعملون بوظائف مختلفة بالتربية والتعليم، ومعظمهم يعمل في قطاع إدارات استحدثتها الوزارة في المديريات والإدارات التعليمية تحت اسم (وحدة الجودة – وحدة الدعم الفني)..فقد صدر قرار/ فرمان (همايوني) من أحد وكلاء الوزارة المنتدبين من خارجها بحرمان رعايا الوزارة هؤلاء من المشاركة في تقييم المدارس، ونهيهم نهيا جازما عن التعاون مع هيئة ضمان الجودة بحجة أن ذلك يعطل أعمالهم !!!!الشيء الذي لا أستطيع فهمه هو: ما سر هذا التخبط السياسي والتخلف الفكري والبيروقراطية العفنة والقسوة المفرطة التي تُدار بها دهاليز وزارة التربية ؟لماذا يُمنع خبراء معترف بكفاءتهم من تقييم مدارس بهدف رفع جودتها، ألن يعود ذلك بالسمعة الطيبة على الوزارة نفسها؟ !!!يجب أن يتدخل أحد لوقف هذا الهزل، والسماح للمعلمين والموجهين المجازين من هيئة ضمان الجودة لكي يتم تسهيل مهماتهم في العمل مع هيئة ضمان الجودة – ولو على سبيل الندب بعض الوقت أو كل الوقت – في تقييم المدارس. أو.... فضوها سيرة، وأريحونا من سيرة الجودة والهباب وقولوا علنا: إنكم في الوزارة خائفون من الهيئة – المنشأة أصلا لمساعدتكم – حتى لا تكشف عوراتكم وتُظهر ما في منظومتكم من سبهللة، واطلبوا من الجامعات أن تستحدث مقررا بديلا للبيولوجي والهستولوجي وليكن اسمه (الهبرولوجي _ أو الهمبكولوجي) يرحمكم الله كما رحم ضمائركم من زمن !!!