10 سبتمبر 2025
تسجيللا يبدو أن أوروبا بخير منذ الرصاصة الروسية الأولى التي انطلقت باتجاه أوكرانيا منذ 200 يوم والتي كانت على وشك الانضمام لحلف الناتو الذي لم يبد هو الآخر موقفا حازما من الاعتداء الروسي الذي وصل لمشارف العاصمة كييف ويحتل مئات المدن والقرى الأوكرانية في استجماع عدته وعتاده وتكوين جيش واحد كما كان مفترضا فيما لو انضمت أوكرانيا فعلا للحلف وتأكد الرئيس زيلنسكي أنه وقع في فخ الوثوق بمن كان يسميهم بالحلفاء فلم تضر الحرب الروسية الأوكرانية أوكرانيا وحدها، بل إن القارة العجوز التي لم تكن قد استطاعت الخروج من عنق زجاجة آثار كورونا المدمرة على اقتصاد أوروبا حتى فاجأتهم حرب موسكو المدوية التي سبقتها مناوشات وحرب كلامية وتهديدات من هنا وهناك قبل أن تُقرع الحرب فعليا ويستيقظ العالم ومنهم أوروبا نفسها على إثبات بوتين لكلامه وإن ما كان يناوش به أصبح حقيقة وتبدأ حرب كلامية أخرى اختلفت قليلا عن سابقتها فبعد أن كانت دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تحذر روسيا من التقدم خطوة واحدة باتجاه أوكرانيا رغم أن القوات الروسية كانت تتمركز فعليا على دفعات على الحدود الأوكرانية ولم تكن تبدو أنها تمزح أو تراوغ في نيتها شن الحرب فعليا باتت وبعد الطلقة الروسية الأولى تهدد موسكو بأن فعلتها هذه لن تمر بخير بحيث بالغت واشنطن في تهديداتها على لسان الرئيس بايدن بأن بوتين سيدفع ثمن فعلته غاليا رغم أنه أكد عدم مشاركة أي قوات من بلاده في هذه الحرب ومع هذا لم يبخل الأمريكيون حقيقة بالدعم المادي ولا المعنوي للأوكرانيين الذين حصلوا على مساعدات مالية ضخمة ومعدات عسكرية حديثة للدفاع عن أنفسهم وأراضيهم وشرفهم بينما تراوحت مواقف أوروبا التي توحدت في لغة التهديد التي لا يبدو أنها أجدت نفعا لكنها تفرقت وتباينت في لغة الوقوف بجانب أوكرانيا التي أعرب رئيسها زيلنسكي عن خيبة أمله في أوروبا ككل رغم أن بعض الدول فيها مثل السويد والنرويج وألمانيا قد أرسلت معدات عسكرية لقواته لمساعدتها في التصدي للاعتداء الروسي الذي أجمع العالم بأسره على عدم شرعيته ولكن من عليه أن يتصدى للدب الروسي الذي يقف اليوم موقفا لا يُحسد عليه بعد أن اعتقد أنه يمكن ابتلاع الأرض الأوكرانية في لقمة واحدة سائغة حتى واجهته بسالة زيلنسكي الذي نزل لأرض المعركة لتشجيع قواته وجيشه والوقوف معهم وباتت قواته اليوم على مشارف الحدود الروسية؟! فهل انقلب السحر على الساحر أم أن الخاسر الحي الذي بات في المنتصف هي أوروبا التي أصبحت اليوم تحت كماشة الاقتصاد المنهار الذي لم يكد ينتعش حتى بات تحت مقصلة العوز والحاجة وتفتقر لأقل مقومات الحياة وأهمها الطاقة والكهرباء بحيث باتت شوارعها تظلم شيئا فشيئا وتصر على تحذير شعوبها من استهلاك الكهرباء لمعدلات ترى الحكومات أنها فوق حاجة الاستهلاك اليومي خصوصا وأن التحكم بالطاقة بات بيد روسيا التي كانت توفر نحو 40 % من الغاز الطبيعي في أوروبا وأكثر من 50 % في ألمانيا وحدها ورفض بوتين كما يتردد عنه فتح صنابير الغاز لأوروبا مما قد تطفو زيادة بنسبة 54 % على الشعوب الأوروبية في تكلفة الغاز والكهرباء على الرغم من محاولة الحكومات إبقاء التكلفة منخفضة وعجزها عن وقف ارتفاع معدل التضخم نتيجة الظروف الصحية والإنهاك الاقتصادي والعلاقات السياسية المتذبذبة حتى فيما بينها وعليه فقد يتجمد نصف شعوب أوروبا إذا ما استمر وقف إمدادات الطاقة لها خصوصا وأن الشتاء بات يطرق الأبواب ولا يبدو أنه سيكون حانيا على هؤلاء الذين يعرفون جيدا شدة الشتاء لديهم خصوصا وأن بوتين يرى أن لديه الحق في الرد على تهديدات أوروبا بإقفال أنابيب الغاز الطبيعي عنها، فإلى أين سينتهي هذا النزال؟! لننتظر !.