12 سبتمبر 2025

تسجيل

الحقيقة..حقيقة وإن كانت مؤلمة!

19 سبتمبر 2018

نشرت الصحف، الأسبوع الماضي، خبرَ مشاركة دولة قطر في معرض الكتاب بـ (موسكو)‘ وهي خطوة جديرة بالتقدير لنشر الإنتاج الأدبي القطري، والتعريف بالحركة الثقافية في دولة قطر.    وكان ضمن الكتب التي تمت ترجمتها إلى اللغة الروسية، كتاب (قطاف)، الذي حوى بعض القصص القصيرة، لفئة محددة من كتّاب القصة القطريين، وكانت لدينا بعض الملاحظات حول معايير اختيار تلك القصص، وغيرها من الإنتاج الأدبي القطري وترجمته إلى اللغات الأخرى، أو المشاركة في المعارض الخارجية.. ومنها: 1- نحن نعلم أن هنالك من كتبوا القصة القصيرة منذ نهايات الستينيات، لم يتم تضمين إنتاجهم في ذلك الكتاب، رغم أنهم واصلوا كتابة القصة القصيرة حتى اليوم ! وتَجاهلُهم اجتراءٌ على الحقيقة، لا يجب أن يسود المناخات الفكرية في بلادنا العزيزة. 2- كان ضمن الأسماء المُختارة في ذلك الكتاب، مَن توقَّف عن الكتابة، والمشاركة في الحركة الأدبية منذ أكثر من عشرين عامًا! وبذلك كان اختيار أعماله مجرد مجاملة، وبعيدًا عن حقيقة الواقع، وعن جدوى المشاركة في المعارض الخارجية، أو ترجمة تلك الأعمال! 3- جرت العادة، ومنذ إنشاء وزارة الثقافة، أو المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، أن تكون هنالك لجنة متخصصة من الأدباء القديرين، تفرز الأعمال الأدبية، وتقرر ما هو الجيد والمفيد منها، وتلك الأعمال الصالحة للاقتناء أو الطباعة، دون أن يُترك الأمر لأشخاص يقررون ذلك. 4- وجدنا أن ثلاثة من الأعمال المُختارة – في ذاك الكتاب – لموظفين يعملون في وزارة الثقافة! وهذا لا يجوز، لأنه يحرمُ الكُتّابَ المؤثرين، من فرصة طبع إنتاجهم، وبالتالي ترجمة ذلك الإنتاج. ولا بد من مُساءلة هذه القضية! 5- إن الذين قاموا باختيار تلك المواد الأدبية تجاهلوا أعمالًا قطرية ناضجة ورائدة، وبعضها بُنيت عليها دراساتٌ علمية ، وبعضهم فَضَّل اختيار أعماله بنفسه وتضمينها في ذلك الإصدار، مع أن هذا البعض لم تتجاوز تجربته إصدارًا أو إصدارين، من القصص القصيرة! ولا بد وأن يتوقف هذا التوجّه فورًا! 6- أن معرض موسكو، التي هي بلد الرواية في العالم، ومن روسيا خرج الروائيون الأفذاذ الذين أثْرَوا البشرية في عالم الرواية، مثل: فيكتور هوجو، دويستوفيسكي، تولستوي، شلوخوف، سولجنستين، التيسكافا.. وغيرهم، وكان يجب أن يتم اختيار بعض الروايات القطرية وتتم ترجمتها للمشاركة بها، ولكن ذلك لم يتم! بل تم تقديم قصص قصيرة متواضعة من النواحي الفنية، وسبق أن قرأناها، لأن بعض كُتابها لم يصلوا إلى سنِّ النضج الأدبي، وفي هذا قول كثير، لا نود الخوض فيه في هذا المقام. 7- ولأن عالم الأدب، عالم مُتعدد ويعتمد على الخبرات التراكمية، كان لا بد من إشراك الأدباء القطريين والقطريات في لجنة خاصة ومستقلة، بعيدة عن اتجاهات وإملاءات الروتين الرسمي، كي تختار – وبكُل صدق وشفافية – الأعمالَ الصالحة لتمثيل دولة قطر في المحافل الأدبية الدولية، ولترجمة الأعمال الناضجة، التي تساهم في توصيل رسالة رصينة عن حالة الثقافة والأدب في دولة قطر. ولهذا، فإن تشكيل مثل هذه اللجنة، سوف يثري حركة الإصدار والترجمة، ويُعفينا من "الهنَّات" والانحيازات الشخصية، التي تحرم أدباء قطريين من حق المشاركة في اتجاهات الوزارة سواء لاقتناء الكتب أو ترجمتها. 8- لقد قامت إحدى الجهات التابعة لوزارة الثقافة والرياضة باختيار رواية متواضعة، لم تُقرأ جيدًا، ومليئة بالأخطاء النحوية، وترجمتها إلى لغة عالمية، والمشاركة بها في معرض سابق. والرواية – حسب خبرتي – لا تصلح للنشر، وهذا دليل على أن بعض  القائمين على قرار الترجمة، لا يقرَؤون، وليس لديهم الحسِّ النقدي الذي يُميّز السمين من الغث من الإنتاج الأدبي. 9- تسود أجواء المثقفين القطريين الجادين، حالة واضحة من الشعور بالنبذ، في ظلِّ التكالب الذين نراه في الملتقيات، من شخصيات دخلت عالم التأليف بصورة مفاجئة، دون أن تكون لديها المؤهلات الأساسية للكتابة الأدبية، رغم تكرار دعوات سعادة وزير الثقافة والرياضة على دعم المبدعين، مهما كانت أعمارهم أو اتجاهات إبداعاتهم. وكان على موظفي الوزارة تطبيق تعليمات سعادة الوزير عمليًا، وذلك بأن تشمل نظرتهم في اختيار الأعمال الأدبية، مَن هم خارج الوزارة، وحصر المؤلفين والأدباء الجادين، والذين لديهم بصمات واضحة في مجال الأدب والتأليف عمومًا. هذا لا يعني اعتراضنا على تشجيع الأدباء الشباب والناشئين، ولكن لا يجوز أن يُصدر أحدهم كتابًا واحدًا، لم تتم قراءته، بَعد، لأنه جديد، وتتم دعوته إلى المحافل الخارجية! دون أن تكون لديه القدرة أو الخبرة على الحديث عن الحركة الأدبية في قطر،  وكنت دومًا اُكررُ على زملائي من مسؤولي الثقافة – الذين يُنظمون المشاركات الخارجية – بأن يكون مَن يتم اختياره للمشاركة، قادراً على تمثيل قطر خير تمثيل، لا أن يجلس في جناح الوزارة ويوقِّع كتابه، وهو خائف من الكاميرات، أو ليست لديه الإجابة على أسئلة الصحفيين حول مسيرة الأدب في قطر!. إن المشاركة في المحافل الأدبية ليس استعراضًا شخصيًا أو "مكرُمة"، قدْر ما تكون لرفع اسم قطر في تلك المحافل، والقدرة على المناقشة، وتقديم الجديد المفيد في عالم الثقافة والأدب. اختصارًا، نحن بحاجة إلى الآتي، إن أردنا تصحيح مَسار التعامل مع الأعمال الأدبية القطرية: 1- تشكيل لجنة - ذات موثوقية - لاختيار الأعمال الصالحة للنشر والترجمة، على ألّا يكون أعضاؤها موظفين في الوزارة، لتجنُّب الأخطاء التي تحصل في عملية النشر والترجمة. 2- أن تكون المشاركات الخارجية مكتملة وناضجة، وأن تتولى الجهات التي يُناط بها تشكيل وفد المشاركة، حُسن اختيار الأعمال والشخصيات الفعالة والمُقنعة، والتي تُمثل بلادها خير تمثيل، بل ويُفضل أن يُتقن المشاركون اللغةَ التي تسود تلك المعارض أو المحافل، أو على الأقل اللغة الإنجليزية، إن كانت المشاركة في غير بلد عربي.  3- ولأن بعض موظفي وزارة الثقافة والرياضة من الشباب، الذين لم يشهدوا فترة الإنتاج الأدبي منذ الستينيات، يجب أن يكون هنالك مسح شامل – رغم قيام الوزراة بإصدار دليل الأدباء – يكون قاعدة بيانات تساعد في ترشيح بعض الأعمال والمبدعين القطريين إلى المشاركات الخارجية، ذلك أن مهمة موظفي الوزارة – والشكر لهم – تسهيل مهمة المبدعين الذين يشاركون في تلك المحافل والبحث عن الأدباء والمثقفين المُهمشين، الذين لا يزورون المكاتب في الوزارة. نحن نعتقد أن هذه الخطوات الإيجابية سوف تضمن عدالةَ وجدّيةَ اختيار المواد الصالحة للنشر والترجمة، وأيضًا اختيار الشخصيات المؤهَّلة للحديث عن حركة الأدب والثقافة القطرية في الخارج. وهذه حقيقة .. وإن كانت مؤلمة!.