15 سبتمبر 2025

تسجيل

فقدنا صوت حق.. بفقدك هند

19 سبتمبر 2011

نزل النبأ علينا حزيناً، وتناقله الناس جميعاً في قطر.. مَن عرف الزميلة الكاتبة النبيلة "هند السويدي" عن كثب، أو عن بعد، أو عن قلم وفكر.. لم نتوقع أن يداهم المرض نفساً طيبة بهذه السرعة، وهذا ديدن البلاء والابتلاء، ولكننا نحاول أن نتوارى خلف حقيقته تناسياً أو تجاهلاً بل أملاً قبل كل شيء.. خصوصاً فيمن نعرف، وفيمن نحب، وفيمن ترك في قطر وفينا وبيننا بصمته الواضحة.قلم هند كان رسول معرفتها بيننا.. قلمٌ منذ بداياته الأولى بدأ واقفاً وبدا واعداً، قلمٌ وفكرٌ رصين متزن، اتسم بالموضوعية والنزاهة، لا يخشى في الحق لومة لائم، خاض شؤون الشأن العام في قطر، بما يمليه عليه الضمير الحي المتقد، في خطاب اتصف بموضوعية الطرح والنزاهة، واتسمت مقدمته بدماثة الخلق والتواضع الجمّ واتسم خطابه بالحيادية والغضب الهادئ المهني في الحق.قضيتها الوطن.. ضميرها الوطن.. ونبضها الوطن.. تخاطب الوطن بجرأة.. من أجل نهضته، فقد جاء في مقال لها بعنوان "على مسؤوليتي":"أخاطب الدولة كخطاب ابن الزبير الذي لم يركض مع الصبية عند التقائهم صدفة بعمر بن الخطاب،فأقول كما قال: لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقاً فأوسع لك!! وأنا أؤكد على أحقيتي في المخاطبةتحت شعار "الرأي والرأي الآخر"..ثم شرحت بقولها: "الخوف من ماذا وأنا في بلد أنعم فيه بالديمقراطية نهجاً ودستوراً وأسلوباً؟".. وكانت في تلك القضية تناقش حرية الرأي والتعبير وصحافة المجاملة والقوالب المعلبة التي فتكت بمهنية الصحافة في قطر، كان أملها أن تشهد قطر بزوغ نجمِ صحفيين قطريين يتنفسون الحرية وروح المنافسة الشريفة بين الصحف التي تطور مهنة الصحافة لدينا، وتدفن حاجز الخوف والرهبة الذي يعيق مشروع تقدم الإعلام.إن مسيرتك لن تتوقف يا هند، والصوت والنداء الذي خلفته هو خير ما تركتِ، ِفلن يغيب أبداً عن أعيننا من كانت رسالته الكلمة، فهي العمل الذي ينتفع به، والوقف الذي سيصل مداه وسيجني حصاده، وسيلبيه، الأجيال بإذن الله.لقد قلت في قصة من قصصك القصيرة في Hind. Voice وقولك الحق: "الموتى لا ينطقون أبداً.. ولكن ينتظرون أبداً"..صحيح أن الموتى لا ينطقون وحتى لو جاؤوا في الرؤيا، فلا ينطقون إلا بحق لأنهم من دار الحق.لقد نطقت في حياتك فكنت لسان حق، واستنطقت الحق من أفواه الغير وأعمالهم، كونك راعية كلمة مسؤولة عن رعيتها، ومربية فاضلة لن ينساها من تتلمذ على يديها.فعن كل قضية عالجتِها، وعن كل إنسان دافعت ِعنه، وعن كل هم فرّجته عن مهموم، وعن كل مظلوم أفردت ِ له مساحة، وعن كل مكمن من مكامن الوجع وضعت يدك عليه، وعالجتِ جرحه في قطر،نسأل الله أن يثبتك عند السؤال.. بالقول الثابت، كما ثبتك به في حياتك الدنيا. وان يرفع الله به مقامك في جنات الخلود..وطـُوبَى لـَكِ وحُسنُ مـَآبْ.واللّهم.. اغفرْ لنا.. وارحمْنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.. كاتبة وإعلامية قطريةTwitter: @medad_alqalammedad_alqalam @ yahoo.com