12 سبتمبر 2025
تسجيلتعتمد الاستثمارات التقليدية وممارسات أسواق رؤوس الأموال في مجملها على مضاعفة الأرباح بغض النظر عن الاعتبارات الكثيرة والمعروفة مؤخراً مثل الاعتبارات الأخلاقية والبيئية والمستدامة. مع ذلك تتنوع الاستثمارات التقليدية لتشمل أنواعا أخرى من الاستراتيجيات المختلفة مثل استثمار القيمة والذي عُرف واشتهر به رجل الأعمال الأمريكي السيد وارن بافيت. عندما أعلن بافيت في الاجتماع السنوي لشركة بيركشاير هاثاواي في شهر مايو الماضي أنه قلص حصته في شركة أبل إلى النصف بعد ما كان يمتلك ٤٠% من أسهم الشركة، طمأن بافيت المستثمرين بأن التقليص لحصته لا يعني عدم إيمانه بالشركة بل وصف جهاز آيفون بأنه من أعظم المنتجات على الإطلاق، إلى جانب استثماراته البارزة في شركتي أمريكان إكسبرس وكوكا كولا. أوضح بافيت في تلك الفترة أن التخطيط الضريبي وارتفاع السعر والتكلفة كان وراء البيع. عند الرجوع إلى حياة بافيت المهنية نجد أنه اعتمد على شراء الأعمال التجارية بالأسعار العادلة فيما يعرف باستراتيجية تبني الجودة قبل القيمة، وهي تعتمد على البحث عن الجودة من الشركات المربحة والتي لديها القليل من الديون بحيث تعتمد الجودة بصرف النظر عن التقييم. عندما اشترى بافيت أسهم شركة أبل في عام ٢٠١٦ كان السعر مناسباً وكانت الشركة ذات جودة عالية وكان العائد على حقوق الملكية بنسبة ٤٣٪ أكثر من العام السابق، وكانت قيمة الشركة عالية وتتداول بمعدل عشرة أضعاف فقط من أرباحها التشغيلية الأخيرة لمدة عام كامل. بالمقابل، لم تعد هذه المقومات متوفرة في الوقت الذي قرر فيه خفض حصته بالرغم من أن شركة أبل أصبحت أكثر ربحية ولكن زادت التكلفة بثلاثة أضعاف عن المرحلة السابقة. والطريقة المثلى للمقارنة بين القيمة والجودة تكون من خلال قياس نسبة السعر إلى الربحية P/E ratio فكلما كانت النسبة أقل كانت أفضل. أن بيع بافيت لحصته في شركة أبل هو تذكير بأن الجودة من الأمور المهمة ولكن مع مراعاة السعر. أن استثمار القيمة يعتمد على شراء الأسهم التي تباع بأقل من قيمتها الحقيقية ويراعي فيها توفر الأسعار المعقولة والصفقات التجارية المتميزة مع مراعاة كفاءة الإدارة وحسن أدائها. كذلك يعتمد هذا النوع من الاستثمار على شراء الشركات التي تتمتع بميزة تنافسية مستدامة، وهي الشركات القادرة على الحفاظ وزيادة حصتها السوقية وأرباحها على المدى الطويل بالرغم من المنافسة والتغيرات الطارئة على بيئات الأعمال من حولها. ومن المؤشرات التي يمكن اعتمادها لهذا النوع من الشركات مؤشرات العلامة التجارية القوية والبارزة، ولاء العملاء، انخفاض تكاليف الانتاج، الكفاءة التشغيلية، براءات الاختراع والتراخيص، العوائد الثابتة من الحقوق على الملكية الفكرية، والابتكار في تطوير المنتجات. ويعول هذا الاستثمار أساساً على شراء الشركات البسيطة التي يمكن فهم أعمالها والتنبؤ بأدائها المستقبلي بعيداً عن الضجة الحاصلة من تقلبات أسعار الأسهم واغراء اتجاهات السوق.