16 سبتمبر 2025
تسجيلإزالة المعوقات أمام حرية التنقل خليجياً تنبع مناقشة ترتيبات أسواق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي أهميتها من عدة جوانب. فعلى المدى القريب تفرض تزايد أعباء العمالة الأجنبية وإيجاد وظائف مناسبة للعمالة الوطنية والضغوط الدولية الخاصة بالعمالة الوافدة ومحاربة الاتجار في البشر مثل هذه المناقشة. أما على المدى المتوسط والبعيد، فإن مناقشة هذه الترتيبات تنبع من صلتها بخطوات التكامل الاقتصادي الخليجي، خاصة في علاقتها باستكمال متطلبات الوحدة النقدية. ففي حالة الاتحاد الأوروبي، شكل اعتماد اليورو في التعامل داخل أوربا خطوة أساسية نحو توحيد أسواق العمل بين بلدان الاتحاد الأوربي، حيث خلق ذلك مزيدا من فرص العمل الجديدة في الأجل الطويل، وذلك لأن وجود عملة أوربية موحدة يلغي تكاليف التحويل بين العملات الوطنية كما يسهل عملية انتقال رؤوس الأموال ويلغي ضرورة الاحتفاظ باحتياطات كبيرة من العملات الصعبة أو الدولار لتسوية المدفوعات الخارجية. وبالنسبة لسهولة انتقال عناصر الإنتاج تحديدا، تعد حرية انتقال هذه العناصر وبصفة خاصة رأس المال والعمل من المتطلبات الأساسية لقيام اتحاد نقدي ناجح، حيث تساعد حرية الانتقال في تسهيل عملية التعديل والتكيف مع الصدمات الاقتصادية الكلية التي تواجهها دول الاتحاد. على سبيل المثال، تساعد حرية انتقال عنصر العمل على معالجة مشكلة ارتفاع مستويات البطالة في بعض دول الاتحاد، حيث تؤدي حرية انتقال العمال من الدولة التي ترتفع فيها مستويات البطالة إلى الدول الأخرى في الاتحاد إلى التخفيف من حدة مشكلة البطالة على مستوى الاتحاد. وإذا ما استعرضنا حرية انتقال عنصر العمل بين دول المجلس نلاحظ أن احد الخصائص الأساسية لدول مجلس التعاون هو ارتفاع نسبة العمالة الوافدة إلى إجمالي العمالة في أسواق العمل بتلك الدول، حيث تسيطر العمالة الوافدة على أسواق العمل الوطنية، بصفة خاصة سوق العمل الخاص. وتتمتع العمالة الوافدة بدرجة ما من الحرية في الحراك عبر حدود دول المجلس من خلال تجديد استيرادها من دولها، أما بالنسبة للعمالة الوطنية فلا تتمتع بتلك الدرجة بسبب التفضيل العام للعمالة الوطنية للعمل في القطاع الحكومي في دولهم وكذلك بسبب الفروقات الكبيرة بين مزايا ورواتب توظيف المواطنين ومزايا ورواتب توظيف غير المواطنين، على الرغم من الجهود الكثيرة التي بذلتها دول المجلس في تسهيل عملية انتقال المواطنين وإقامتهم بين الدول الأعضاء في المجلس. لذلك لا بد أن يتزامن مع جهود توظيف العمالة الوطنية بدول المجلس فتح الحدود أمام تنقلها بين هذه الدول وتحديدا أسواق العمل الخليجية. فلا شك ان هذا الموضوع يعتبر من العوامل الحيوية لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي، بما في ذلك توحيد العملة الخليجية كما يسهم في سد ثغرة نقص بعض المهارات لدى العمالة الوطنية في بعض دول المجلس. ونخلص من هذا إلى إعادة المطالبة بضرورة الإسراع في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون والعمل على اتخاذ الإجراءات التنفيذية لهذه القرارات ومن بينها إزالة المعوقات أمام حرية التنقل والعمل ومن ضمنها استثناء مواطني دول المجلس من كافة القيود والإجراءات المقررة على استخدام غير المواطنين وبصفة خاصة استثنائهم من نظام تصاريح العمل واتخاذ كافة الإجراءات لتسهيل توظيفهم وفقا للحاجة المتوافرة والعمل على استفادتهم من نظم التأمينات الاجتماعية عن تنقلهم للعمل في دولة أخرى من دول المجلس. كما يتطلب الأمر توحيد وتقريب نظم وتشريعات العمل والتأمينات الاجتماعية في دول مجلس التعاون، كذلك توحيد عقود العمل والرواتب والجور والإسراع بتفعيل مركز المعلومات الخليجي وتبادل معلومات سوق العمل ورصد متغيراته.