13 سبتمبر 2025

تسجيل

اندفاعة خطرة للحلف العسكري الروسي الإيراني

19 أغسطس 2016

لم يأت انطلاق القاذفات الإستراتيجية الروسية الأضخم في العالم (توبولوف 22) من قاعدة همدان الإيرانية تلبية لحاجة عسكرية مباشرة فقط، بل هو إعلان بتطوير إستراتيجي للحلف العسكري الروسي مع إيران والحكومات، أو هياكل الحكومات التابعة لها في العراق وسوريا. جاء تصدير فكرة الحاجة العسكرية لهذا التطور الذي أدخل سلاحا إستراتيجيا روسيا للعمل في المنطقة تحت عنوان عدم قدرة قاعدة حميميم الروسية على الأرض السورية على استقبالها، وليس عدم كفاية قصف الطيران الروسي الجاري حاليا. وجاء التركيز على فكرة أن القصف استهدف تنظيم الدولة تحديدا لامتصاص ردود الفعل على هذه الاندفاعة الخطرة في تطوير هذا التحالف على نحو يمتد لأراضى البلدان الأربعة، وعلى الإعلان بدخول الحلف العسكري الروسي الإيراني مرحلة جديدة. وليس خافيا على أحد أن القصف الذي جرى الآن ضد تنظيم الدولة، سيمتد غدا أو بعد غد إلى الأراضي السورية الأخرى ضد كل المعارضة العسكرية لنظام بشار، تحت عنوان قصف "فتح الشام". جاءت الطلعات من إيران بالطيران الإستراتيجي الروسي إعلانا إستراتيجيا بتعمق هذا الحلف العسكري بأكثر مما جاءت كتطوير للهجوم العسكري الروسي في سوريا. وهذا ما أشار إليه علي أكبر ولاياتي (مستشار خامنئى)، حين قال إن التعاون الدفاعي الإيراني الروسي استراتيجي وليس مستبعدا. وهو انتقال للحلف الروسي الإيراني (وحكومتي العبادي وبشار) وليس مجرد انطلاق من قاعدة إيرانية، ولذا تحدث رئيس وزراء العملية السياسية في العراق حيدر العبادي عن أن مرور القاذفات الروسية جاء بناءا على قرار عراقي بالسماح لها بعبور الأجواء العراقية، وهو نفس ما حدث حين مرت الصواريخ الروسية المنطلقة من بحر قزوين بالأراضى العراقية. كما تحدث وزير الخارجية الروسي لافروف بلسان الأسد، إذ أعلن أن الدور العسكري الروسي يجرى بطلب من الحكومة السورية المتعاونة مع إيران أيضا. وبذلك تخطى فكرة انطلاق توبولوف من إيران إلى فكرة وحالة الحاجة العسكرية المباشرة، ودفع بالأمر إلى حالة الحلف العسكري. هي مرحلة جديدة لهذا الحلف العسكري، الذي أعلن في البداية تحت عنوان تشكيل مركز معلوماتي استخباري في بغداد يضم ممثلين لهيئة أركان القوات الروسية والإيرانية والعراقية والسورية. وقد لاحظ الجميع كيف اختارت روسيا بعدها إطلاق الصواريخ من بحر قزوين عبر أراضي دول الحلف، دون حاجة عسكرية معلومة ومحددة، وهو ما كان تدشينا لهذا الحلف عند بدايته. وقد تطور دور هذا المركز من بعد حين شكلت القوات الجوية الروسية غطاء لحركة جيش بشار والقوات الإيرانية والميلشيات العراقية واللبنانية التابعة لها. والآن وصلنا مرحلة استخدام روسيا لقواعد عسكرية إيرانية. وتلك اندفاعة قوية وخطرة على الدول العربية، وهى جرت بناء على قراءة لتطورات الأوضاع الدولية والإقليمية لا لمجرد حاجة القاذفات لمطار أكثر إعدادا. وإذ يمكن القول بأن معارك حلب وما كشفته من قدرة قوات المعارضة على هزيمة التدخل الروسي الإيراني –خاصة بعدما أسقطت طائرة هليكوبتر روسية في إدلب- قد شكلت عامل تحفيز لتطوير القدرة الروسية في الإقليم، فيمكن القول أيضا بأن التغيير الحاصل في المواقف التركية تجاه روسيا وإيران وما ترافق معها من توتر في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة وأوروبا، قد حقق الفرصة المطلوبة لهذا الاندفاع الذي جرى مشفوعا بإعلان صيني عن تدريب وتسليح جيش بشار. غير أن أشد ما يلفت النظر هو أن تلك الاندفاعة جرت بعد يومين من إعلان وزير الدفاع الروسي عن عمليات عسكرية أمريكية روسية مشتركة في سوريا!