19 سبتمبر 2025
تسجيليعايش كوكبنا تغيرات كونية فاقمت من التغير المناخي الذي تبدو آثاره في النصف الأول من العام الحالي واضحة، من فيضانات وعواصف وزلازل وانفجارات بركانية ولعل أبرزها اشتداد الحرارة وعواصف الرمال والأتربة. فقد صدرت تحذيرات عالمية من تأثير ظواهر الطقس القاسية من موجات الجفاف والحر على الإنتاج الزراعي والغذائي، وتسببت في تراجع الكثير من إنتاجيات المحاصيل والمزروعات، حيث تشير الإحصاءات إلى أنّ الكوارث الطبيعية نجمت عنها زيادة التكاليف الاقتصادية والصناعية والبيئية وخسائر تقدر بـ37 مليار دولار هذا في العام الحالي. لم تقتصر تداعيات التقلبات على التأثير السلبي على الحياة المعيشية للسكان في مناطق عديدة، إنما امتدت آثارها إلى الإضرار بالخطط المستقبلية للدول المتضررة، فموجات الجفاف تجتاح أقاليم زراعية في آسيا والشرق الأوسط، أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء، بل ونقص في إمداداته في الكثير منها، وما نتج عن تلوث الهواء الذي تسبب في قتل 3.2 مليون شخص في كل عام، إضافة إلى الاحترار الذي تجاوز الـ60 درجة في الكثير من مناطق الشرق الأوسط فتكت بحياة الإنسان. وصاحبت تلك التحذيرات مخاوف عالمية من انعكاس التقلبات المناخية على إمدادات الغذاء وإنتاجيات الأراضي الزراعية، إذ من المعروف أنّ الإنتاج البيئي يحتاج إلى منظومة مناخية آمنة وصحية، وكلما تغيرت الأحوال الجوية أدت إلى نقص في المنتج الغذائي، خاصة أنّ الطلب على إمدادات الغذاء متنامية، نظراً للظروف القاسية والمعاناة التي تعيشها مناطق ساخنة وسط الصراعات المسلحة. من المعلوم أن تحقيق الأمن الغذائي والمائي يتوقف على الأوضاع الاقتصادية أكثر من المناخ، ولكن في السنوات الأخيرة بدأ الكوكب يشهد تقلبات مناخية تثير قلق الخبراء، وأثرت على قدرة الإنسان على مقاومتها أو الحد منها وفاقت قدرته أيضاً على توفير إنتاجه أو مخزونه الغذائي مستقبلاً. وأسرد بعضاً منها استناداً لتقرير الفاو، أن ارتفاع درجة الحرارة في وسط القارات أدى إلى إضعاف المحاصيل وانخفاض هطول الأمطار وهبوط مستويات رطوبة التربة والإضرار بالتجمعات السكانية ذات الدخل المنخفض التي تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة. ورغم أن المعنيين يعون جيداً مسببات التغير المناخي وهي: في نشاط الإنسان ونشاط الصناعة وعوادم السيارات والمصانع والأنشطة الاقتصادية الجائرة على البيئة إلا أنّ الخطوات للحد من تأثيراتها السلبية لا تلبي الطموحات. ويرتبط المناخ بمصادر المعيشة الإنسانية ارتباطاً وثيقاً، فهو سبب استمراريتها وهو صمام أمان ليحيا على الكوكب حياة صحية، وهذا لا يتوافق مع الرؤية المستقبلية التي رسمتها منظمة الأغذية العالمية الفاو من دور مثالي للإنتاج الزراعي بحلول 2030 في التخفيف من آثار التقلبات المناخية لتلبية احتياجات السكان. وبات التغير المناخي الشغل الشاغل في الأوساط الدولية، خاصة السياسية التي ترى في أنّ عدم القدرة على الحد من تلك التقلبات من شأنها أن تؤدي إلى انهيارات اقتصادية في غنى عنها، إذ ما زال العالم يحاول التعافي من آثار أزمة 2008 المالية ومن إفلاس دول اليورو. فقد أنفقت الدول في صندوق دعم الجهود المبذولة من أجل المناخ مليارات الدولارات من أجل مساعدة الدول النامية والمتضررة على إنقاذ اقتصادها، ولكن باتت الأمور أصعب من ذي قبل. إنّ انهيارات التربة أو العواصف والزلازل والسيول وزحف الرمال تكلف الدول أضعاف ما خصصته للإنقاذ، وهنا تكمن إشكالية الوصول إلى مناخ معتدل. فقد انتهجت عدد من الدول لعلاج التغير المناخي بحلول تكنولوجية، والكثير منها قد يكون حلماً وخيالاً إلا أنّ إصلاح مناخ الكوكب بات أمراً ملحاً، وأذكر منها تجربتي بريطانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة في تلقيح السحب لاستمطار الأمطار، والحلول التي قدمها الاتحاد الدولي للاتصالات بشأن الحد من التغير المناخي في ابتكار أنظمة معلومات لرصد الزلازل والأعاصير وتغيرات المناخ، وتجربة الإكوادور في إنشاء نظام إنذار مبكر لرصد الظروف المناخية المتقلبة. وفي إفريقيا تمّ توفير معلومات مناخية في الهواتف المحمولة لمزارعين وصيادين في المناطق النائية للتنبؤ بمظاهر الطقس وغيرها.