16 سبتمبر 2025

تسجيل

لا أحد سيحاسبهم فالشيطان أصبح أقوى

19 أغسطس 2014

طبعا لا أحد سيحاسب نوري المالكي على المدى المنظور ولا أعتقد أن هناك من سيتذكر بعد بضع سنوات، فقتل البشر والفتك بالأبرياء في أمتنا العربية قضية دائما فيها نظر، ومن الممكن أن تبرر، وكثيرا ما تمرر وكأنها كارثة طبيعية فتكت بقطيع من الحيوانات، بل إن جمعيات حقوق الحيوان في العالم استطاعت أن توقف صيد العديد من الحيوانات في الغابات والبحار، ولكن عند الجنس العربي تتوقف آلة القضاء ويذهب العالم الحّر والديمقراطي والإنساني في غيبوبة مؤقتة، وإن حدث شيء من المحاسبة فهو انتقائي حسب جنسية وعرق الضحية لا حسب فداحة الكارثة. لا أحد سيحاسب بنيامين نتنياهو ومساعديه وقادة جيشه لارتكابهم مجازر بحق الأطفال والمدنيين في غزة، فالولايات المتحدة ربهم الحنون ولن تسمح بذلك، ولا أحد سيحاسب بشار الأسد وقواده ومليشياته ومليشيات نصر الله الذين فتكوا بالبلاد والعباد والحجر والبشر فروسيا لن تسمح بذلك، ولا أحد سيحاسب النظام العسكري الذي حكم مصر أخيرا رغم آلاف الضحايا، وكذلك هو الحال في بغداد التي كان المالكي ومليشياته العسكرية حكاما لها بأمر وقوة وحصانة ومساعدة أسيادهم في طهران، لن يحاسبهم أحد لأن الضحايا هم جنس في ذيل قائمة الأمم، وهم في ذيل قائمة الأعراق العربية فلا أحد يهتم لموت أكثر من مليون إنسان منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين الذي حوكم فورا وأعدم فورا هو وقيادته دون النظر في أدبيات المعاملة بالمثل لمجرمي عراق بريمر وعصاباته.في الفترة الأخيرة طغت أخبار صحافة لندن تحديدا وبعض مؤسسات حقوق الإنسان التي تنظر إلى العالم العربي نظرة الدونية وبعيون غيرها، طغت أخبار الوفيات التي وقعت في دولة قطر وهي لعمال آسيويين يعلم كثير من أهل السياسة والحروب أنهم يموتون في بلادهم ولا يكترث لموتهم أحد جرّاء الأمراض والفقر والاضطهاد من قبل حكوماتهم، وشنت تلك المؤسسات حملة شرسة ضد إقامة مونديال 2022 في قطر بدعوى المساس بحقوق الإنسان، وتشغيل العمالة الآسيوية بظروف غير إنسانية، فيما صمت الجميع عن جرائم القتل الجماعي ضد المواطنين المدنيين الآمنين في بيوتهم في العراق وسوريا وغزة، ولا أحد طالب بمحاسبة المالكي أو غيره، ولا وقف التعامل معهم، بل تحرك العالم لدعم قواته.لقد جاءت محاسبة ومحاكمة وإعدام صدام حسين على أسس طائفية بحتة وعلى أدلة عير مثبتة بعد خمسة وعشرين وثلاثة وعشرين عاما على أحداث الدجيل وحلبجة، وكلها وقعت خلال الحرب مع إيران نتيجة ثورات ضد النظام البلد الذي يقاتل أعداءه، ومع هذا لم تقع تلك الجرائم تحت بند التقادم الزمني الذي يسقط المسؤولية، ومع هذا أعلن صدام أنه يتحمل المسؤولية الأخلاقية رسميا عما جرى حتى دون علمه، ومع هذا أفلت رئيس حكومة العراق لثماني سنوات حمراء وخرج مزهوا بانتصاراته التي مزقت العراق شر ممزق، وقتلت الأمل في قيام دولة محترمة، وحتى آخر يوم في مكتبه في المنطقة الخضراء المحمية من قبل المرتزقة الأمريكان والإيرانيين وهو يصدر الأوامر لإبادة المواطنين في محافظات السنة التي صنفها طائفيا هو ومن اتبعه من شياطين العراق وأحلافهم. لقد تآمر المالكي لقتل آلاف العراقيين وتبديد عشرات المليارات من الدولارات على مغامراته وجنونه لحساب أعوانه ومليشياتهم وفساد الطبقة الحاكمة خلال السنوات الأخيرة، ولم تتحقق أدنى شروط الرعاية للمواطنين حتى في محافظات الجنوب المحسوبة عليه، ومع هذا وبعلم العالم، لم يحاسبه ولن يحاسبه أحد، فهو رجل إيران التي منعته في منصبه لدورتين غير دستوريتين، ولا أحد تكلم.اليوم هبت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى نجدة نظام كردستان المتواطئ مع المالكي طيلة ثماني سنوات، وشاهد العالم سرعة الاستجابة للتدخل العسكري الأمريكي واللوجستي الأوروبي لحماية الأقليات في شمال العراق، وهذا أمر جميل لا غبار عليه، بل إن احتلال العراق من جديد لا غبار عليه لدى العرب المضطهدين من قبل أخوة ترابهم، ولكن أين هذه الدول وقواتهم ولوجستيتهم عندما حوصرت الفلوجة ومدن الأنبار لثلاث سنوات تحت القصف والمذابح، وما مذبحة الحويجة عنهم ببعيد، ولا تشريد مئات العائلات السنية من تلعفر ومحيط جبل سنجار من قبل قوات الشرطة الاتحادية الكردية المدعومة من قوات المالكي.لا أحد يعترض على عمليات إنقاذ إخواننا المسيحيين في الموصل والذين احتضنت معظمهم فرنسا فورا، ولا إنقاذ الإزيديين أيضا، ولكن هناك مئات العائلات من عشائر قرى الموصل وسنجار شرُدت ولا أحد مدّ يده لمساعدتهم حتى اليوم، فمن سيحاسب من في هذا العالم الظالم والمظلوم، عالمنا العربي الذي تقرر مصيره نشرات الأخبار وتقارير الأشخاص غير الموثوقين. إن تنظيم "داعش" الذي استطاع بثلاثة آلاف رجل احتلال شمال العراق ودحر قوات البرزاني والمالكي لم يكن فقط نقمة عليهم، بل كان نعمة للمضطهدين من أبناء العشائر العراقية التي لم تجد في وجدان العالم الباكي على العراق اليوم مكانا لرأفة بهم طيلة سنوات خلت، فقد تحالف معه آلاف الشباب الذين آمنوا بالانتقام ممن اضطهدهم طيلة سنوات مضت، فكانت داعش " فتوة الحارة" الذي أدّب السلطة الهمجية في بغداد وكردستان، ومع اختلافنا التام مع نهج وجرائم التنظيم والسلطة فإن الواجب يحتم المطالبة بتحويل كل المسؤولين السابقين في حكومة المالكي وهو على رأسهم للمحاكمة أمام محكمة جرائم الحرب تماما كما هو مطلوب لنتنياهو ووحوشه.