06 أكتوبر 2025
تسجيل• يحكى ان الزعيم ماو تلقى فجرا تقريرا ان جيوش ذباب هجمت على بلاده.. فرمى التقرير جانبا وقفز بثياب نومه لأعلى قمة في قصر الرئاسة وصفق بقوة تبعه مستشاروه وساكنو البنايات المجاورة وهكذا هجر الذباب والباعوض بلاد الصين فاستمد شعبه من تلك التجربة التاريخية ان الركود في الفكر الانساني او من اتحاذ قرارات بناء على تقارير معلبة او مكبات "زبالة" لا ترى ضوء الشمس تقود لادمان الفشل وجدلية البيضة قبل الدجاجة. • مع هطول الامطار والسيول جلس بعض مسؤولي الخرطوم يتجادلون إن كان الامر كارثة ام نعمة ربانية فارتبكت تصريحاتهم الاعلامية وانجازاتهم على ارض الواقع.. قيادي في احدى الولايات الوسطية رأيته يخوض وحل الماء بجلباب ناصع البياض وعمامة متقنة التطريز ولا يدري ان مجرد عدم قدرته حزم جلبابه او ارتداء زي للطوارئ هو ادمان للفشل.. أمينة المرأة كانت تلوح بيديها باساور ذهبية تلتف حول معصمها وهي تتحدث عن انزال الطعام للمنكوبين ولا ندري من الذي أعد ذلك الطعام!! • غالبية التنفيذيين واجهوا عدسات التصوير لتبييض الوجه وهم في كامل ملابسهم الرسمية وبكرفتات احسن اختيارها فكانت مستفزة للمشاعر لان هناك أكوام بشر معدم اصلا من حطام الحياة..هذا وذاك يشير لانعدام ثقافة التعامل مع الكوارث التي تحتم ارتداء ازياء عملية مراعاة لمشاعر المنكوبين المفجوعين. • جاء الهرمزان الوزير الفارسي يبحث عن ابن الخطاب رضي الله عنه فوجده نائما تحت شجرة عليه قميص مرقع بلا حراسة فهز رأسه وقال "حكمت فعدلت فأمنت فنمت" وذهب "عمر" مرة خلف ابي بكر الصديق "رضي الله عنه" الذي دخل لخيمة امرأة واختفى حتى خرج الصديق فسأل المرأة عن حالها فقالت انا حسيرة كسيرة ومعي عيال ولا عائل لنا إلا الله فقال لها وماذا يصنع لكم هذا الشيخ الذي يدخل عليكم؟ قالت يصنع طعامنا ويكنس بيتنا ويحلب شياهنا ويغسل ثيابنا فبكى الفاروق وقال قولته الشهيرة "اتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر". • ان الفيضانات والامطار لا يختلف اثنان على انها امر رباني فيه خير وفير لا يعد ولا يحصى لبلد زراعي كالسودان بجانب انعاشه للانفس من الكآبة والقنوط في وقت شحت الامطار بسبب المتغيرات المناخية وليس بعيدا الدخول في حروب المياه والتحارب على منابع الانهار ومصاباتها... • الكارثة.. ليست الامطار في حد ذاتها ولكن في اعتماد تقارير معلبة والمكابرة في قضايا مفصلية كمدن تشيد على مسارات السيول الخ.. وقد تناولت مغباته الاقلام الشريفة مرارا وتجاهله اهل الشأن مددا.. • وبرغم هذه الاوجاع فهناك اضاءات مشرقة كوثبة شباب "نفير" والنسيج الاجتماعي المفطور عليه السوداني ومساهمات الاصدقاء كدولة قطر ومنظماتها الخيرية التي خففت من حجم الازمة وان كانت من بشارات فهي انتظام اعمال اللجنة القومية بسفارتنا بالدوحة ليس فقط لاستقطاب الدعم للمتضررين ولكن طموحاتنا ستظل تعانق قرص الشمس وليس "رتق الثوب" بل لالغاء مفردة "كل شيء تمام" وللم الشمل واستصحاب الكفاءات واصحاب الخبرات المكتسبة في دول المهجر ولبعث الاطمئنان لفاطمة واحمد ومحمد احمد ومن لم ترهم اعين من طاف بطائرة مروحية ولم تصطادهم اضواء الكاميرات المتابعة للمسؤولين. •اللجنة القومية بسفارتنا بالدوحة أمنت على ضرورة ترتيب الاولويات وعدم الاستهانة بالمد الشعبي الذي لعب دورا محوريا منذ بدايات السيول ومن المؤمل ان يصب جهدها في مسارات تنفع العباد والبلاد وان كان حلمنا تشييد مدينه او قرية نموذجية لمتضرري شرق النيل باسم الجالية السودانية بالدوحة حلم لن يكون بعيد المنال طالما صدقت النوايا وفتحت الملفات المفيدة والله من وراء القصد. همسة: الايجابية وعدم ادمان الفشل هي حب الوطن كمرتبة من مراتب الايمان.