14 سبتمبر 2025
تسجيللم يهدأ الخليج العربي منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عام 2003، الأحداث السياسية العنيفة تتصاعد يوما بعد يوم، اعتقالات سياسية بشكل يومي في معظم دول الخليج العربي بذرائع مختلفة البعض يقول إنه يلاحق كوادر تنظيم القاعدة، والبعض الآخر يقول إنه يلاحق الحركات السلفية بهدف القضاء عليها قبل أن يشتد عودها، البعض من هذه الأنظمة السياسية الخليجية يقول أنه يلاحق عناصر منتمية إلى منظمات أجنبية تسعى لإحداث الفوضى والفتن في البلاد. كنتيجة من نتائج احتلال العراق تصاعدت نعرة الطائفية في دول مجلس التعاون الخليجي بدرجات متفاوته، في الكويت تطل برأسها تارة وتارة أخرى تختفي لكنها هناك بكل صورها، في السعودية ــ المنطقة الشرقية ــ تعيش في حركة مد وجزر، أما في مملكة البحرين فقد بلغت الطائفية أعلى مراحلها وانقسم المجتمع البحريني بين سنة وشيعة وبعض الأقليات،واختل التوازن الاجتماعي في البحرين ووصل إلى درجة المواجهة في شهري فبراير ومارس من هذا العام، واستدعيت قوات مسلحة من بعض دول مجلس التعاون للاستقواء بها ضد المطالبين بحقوق المواطنة من كل المذاهب المتعايشة في البحرين، وراح كل من الطائفتين الرئيستين يدعي لنفسه بالأغلبية على ما عداه وأنه حان الوقت لتحقيق ميزة الأغلبية في تسيير شؤون الدولة. والحق أن هناك مطالبا شعبية مشروعة وأخرى مطالب تعجيزية، المطالب الأولى يجب تحقيقها دون تردد لأنها حق من الحقوق التي منحها الله للإنسان، والمطالب الأخرى يجب التعامل معها بالتي هي أحسن، كل ذلك من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحقيق الانسجام الاجتماعي بين مكونات المجتمع في البحرين وغيره من دول الخليج العربي ومن أجل النأي بالبحرين الشقيق عن التدخلات الخارجية المخيفة. لقد تردد في الأيام الأخيرة أخبار مؤداها أن الأسطول الأميركي الخامس الذي يتخذ من البحرين مقرا له منذ الأربعينات من القرن الماضي يبحث عن نقل مقرة إلى دولة خليجية أخرى لأن وجوده في البحرين لم يعد آمنا بعد أحداث فبراير الماضي، يترافق ذلك مع ملاحظة الصمت الأميركي الأوروبي عن التسلح النووي الإيراني، وتصاعد البيانات الحكومية الرسمية الأميركية والأوروبية المثيرة للشكوك تجاه ما يجري في البحرين، وملاحظة بيانات منظمات حقوق الإنسان الغربية وإدانتها لما يجري هناك، مع ملاحظة أن حربا طاحنة في جمهورية اليمن منذ ستة أشهر لكنها لم تحظ بالاهتمام الأميركي الأوروبي كاهتمامهم بما يجري في البحرين. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن التفاتا لما ذكرت أعلاه ألا يدفعنا إلى الشك في ترتيبات أميركية أوروبية ــ إيرانية تجاه مستقبل الخليج العربي؟ معظم الدراسات الصادرة في أميركا في السنوات الخمس الماضية تشير صراحة أو ضمنا إلى الاعتماد على المرجعية الدينية الشيعية لأنها قادرة على تحقيق الأمن لمصالح الغرب في المنطقة، لأن لها جمهورا واسعا يستجيب فورا لتوجيهات تلك المراجع الدينية. في ذات الوقت تشير هذه الدراسات إلى أن الاعتماد على النظم القائمة والتي لا تستند إلى شرعية دستورية أو دينية فلم يعد المجال متسعا للمراهنة على وجودهم للبقاء على هرم السلطة. نلاحظ أيضاً أن الإدارات الأميركية المختلفة لم تهتم بتحالفاتها مع قادة المنطقة في الشأن العراقي بعد احتلاله والفضل مع الأسف الشديد يعود للعرب في ذلك الاحتلال إلا أن أميركا أشاحت بوجهها عنهم وولته نحو إيران وهكذا فرض المالكي على كل القوى العراقية رغم نجاح إياد علاوي وحزبه بالأغلبية (عبر صناديق الانتخابات) التي طالما تشدق بها الغرب. إن الحلول الأمنية والتخويف باستخدام القوة والاستقواء بالخارج لم تعد مجدية إن التعسف في استخدام الحق بحجة المحافظة على الأمن والاستقرار لن يقود إلى استقرار وإلى سلام اجتماعي في أي دولة من دول الخليج. كما أن القوى المطالبة بحقوقها يجب ألا تراهن على قوى من خارج حدود الوطن لتحقيق مطالبها، وألا تكون مطالب طائفة تحت شعار الأكثرية والأقلية وأن تتسلح كل القوى المطالبة بالإصلاح باعتماد مبدأ المواطنة وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات لكل أفراد الشعب. أقول: على حكام الخليج العربي إنقاذ البحرين بعقلنة النظام السياسي القائم قبل فوات الأوان، والتعامل مع الأحداث برشد ووطنية. النظام السياسي في البحرين يملك كل وسائل القوة وهو القادر على بعث الطمأنينة إلى جميع أفراد الشعب وهو القادر على أن يعطي ولهذا نطالب نحن أصحاب القلم القيادة السياسية في البحرين الإفراج عن كل معتقلي الأحداث الماضية ورد جميع المفصولين من وظائفهم إلى أعمالهم ووقف محاكمات الأطباء والممرضين والمدرسين الذين اعتقلوا نتيجة لأحداث فبراير ومارس الماضيين . في الوقت نفسه على المعارضة بكل أصنافها واتجاهاتها أن تدرك أنها في محيط له أعرافه وتقاليده والحوار هو الأجدى والأصلح لتحقيق المطالب وليس التعنت ورفض الحوار تحت أي ذريعة والحاكم العربي يجب أن يدرك أن قوته وإرهابه المادي والمعنوي للشعب لم تعد عوامل مجدية. لقد سقط جدار الخوف عند الخلق من بطش النظم الحاكمة، والحاكم العربي عليه أن يدرك أن الزمن تغير وما كان مسكوتا عنه في الماضي من ممارسات لم يعد قائما اليوم. آخر الدعاء: يا رب احم البحرين من عاديات الزمان، وألف بين قلوب مواطنيه، ووحد كلمتهم على الحق، ولا تول عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم.