11 سبتمبر 2025
تسجيلسألني أخي ماذا لو أنه بإمكانك إسماع كلمة واحدة لجميع من على الأرض، ماذا ستكون؟ تصادمت كلمات وأفكار متضادة عدة لأخرج أفضلها وأشملها إلا أنه لم تخرج سوى "ليأخذوا نَفَساً". ما أصعب حبال نتمسك بها اليوم؟ ما مدى رفع أو طول هذه الحبال؟ كيف تصمد الروح وسط حياة اليوم؟ أو بالأصح كيف نقوم ونسكن أنفسنا وسط أرواحنا نحن؟ أيوم نرغب فيه ويوم نرغب عنه؟! لربما أصعب ما نعيشه بين أنفسنا هي رغباتنا وأرواحنا الطبيعية المتقلبة لتارات وتيارات متداخلة ومختلفة. ولكن حقاً ماذا أراد الله بهذا مثلاً؟ أرادنا أن نعلم، لنوقن، لنعمل، ثم أراد أن يتوفانا بأحسن الجزاء. أصغرنا اليوم عندما يسأل عن الجنة يجيب عن ثمارها وخضارها وريحها... كيف أيقناها وآمنا بها وكيف ارتجت تلاواتنا عندما قرأنا الآيات الواصفة لها والمبشرة بها، كيف عرفناها ولم نرَها وأي يقين ربينا عليه وأي إيمان غرس فينا؟ نحن لم نؤمن بها من جوع أو من عطش، لم نؤمن بها من نقص الموارد والمصادر والمناظر، بل اشتدت رغباتنا بالرحال إليها من ضيق شعبنا أنفسنا ومن قلة أُنسها ومن مرارة المحطات والمسيرات، تماماً كحال آسيا امرأة فرعون المبشرة بالجنة فعلى الرغم من عظم مكانتها ورغم ترف قصورها ومعايشها فهي لم تعلم فقط، بل أيقنت أي نعيم هو الجنة وأي رضا تناله بعد رضا الله فتشربت معنى الفناء والبقاء برؤية بعيدة عن أبصارنا. هي ليست بمخدر نريح فيه ضمائرنا كما يظن البعض، نعم نصبر فيها أرواحنا، ولكنها بالأكثر منطلق نسعى إليه متلهفين وباسطي جذورنا إليها، لأننا على يقين أن كل ثمار الدنيا مقارنة بثمارك يا جنة مُرة، وأن كل بيوتنا مقارنة ببيت فيك يا من عرضك السماوات والأرض ضيقة. لن نصل إليها إلا بمجاهدة أرواحنا فمن أنفق رغم حبه للمال جاهد، ومن قام رغم حبه للنوم جاهد، ومن ثبت وعزم رغم دنياه فقد غرس آثاره في سابع أرض وترك بصماه وجاهد. ومن أيقن غنى نفسه وقاوم فقد ربح. فنعم لربما نحن حقاً بحاجة للوقوف وبحاجة لنَفَس حقيقي عميق مسهل للأمور وملين للقلوب مصغر لكل الشدائد الصغار، لربما نحن بأمَسّ الحاجة لتشُرب بعض الأنفاس التي بها نكتسب أعظم وأثمن الأجور والتي بها نرى آفاق الحياة صدقاً. فمن اصطاد منكم هذا النفس وتشبث به، فلن يرجُ سوى هذا الشهيق والزفير البعيد عن كل النفوس التعبة نفساً لا لَهث فيه ولا عوج به. طالبة في جامعة قطر