20 سبتمبر 2025

تسجيل

أمير قطر والثورة السورية

19 يوليو 2022

ظل الموقف القطري ثابتاً تجاه الثورة السورية ومعاناة السوريين الممتدة لاثنتي عشرة عاماً، عكسه في كل مناسبة أمير البلاد المفدى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والتي كان آخرها قمة جدة التي ضمت قادة مجلس التعاون الخليجي، ومعهم الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتوقف السوريون طويلاً عند حديث أمير قطر في الوقت الذي يرون انسحاب 122 دولة ادعت بالأمس أنها صديقة للثورة السورية وللشعب السوري، فقطعت على نفسها دعمه في تحقيق طموحاته، وحكم نفسه بنفسه، بعيداً عن الارتهانات الدولية، والتدخلات والاحتلالات الأجنبية. موقف قطر هو ذاته لم يتغير منذ انحيازها للشعب السوري والثورة السورية بعد الهولوكوست الذي تعرض له، ترجمته مباشرة وعملياً في فتح سفارة للائتلاف الوطني المعارض، مع إغلاق سفارة النظام، وأبقت على سفارة الائتلاف على الرغم من كل التراجعات الدولية تجاه الثورة السورية والشعب السوري، نتيجة الانكسارات التي تعرضت لها الثورة السورية أمام تقدم النظام بدعم من حلفائه الدوليين والإقليميين، وتخلي من وصفوا بأصدقاء الشعب السوري عن ثورته. على صعيد الدعم الإغاثي القطري يسجل الهلال الأحمر القطري حضوراً مميزاً بالتعاون مع المنظمات الإغاثية التركية في مناطق الشمال السوري المحرر، والذي يتوزع بين إغاثة عاجلة طارئة، وبين مشاريع مستدامة، بينها بناء مساكن وبيوت للذين شردهم النظام السوري وحلفاؤه، فضلاً عن دعم تعليمي من خلال برامج بريطانية، مكّنت مئات الآلاف من الطلبة السوريين من التعليم في المدارس الابتدائية، وهو ما كان له أن يتواصل لولا هذا الدعم القطري، وإن كانت الحاجة كبيرة لدعم المراحل الإعدادية والثانوية بشكل كامل وشامل، حيث ثمة أكثر من نصف مليون طفل خارج المنظومة التعليمية، يتسكعون في أزقة مخيمات الشتات، مما يجعلهم قنابل موقوتة حقيقية في المستقبل ليس لسوريا وإنما حتى لدول الجوار. وفي الوقت الذي غازلت كثير من الدول النظام السوري بغية إعادة فتح سفارة أو تسيير رحلات بينها وبينه، ونحو ذلك من التقاربات، ظلت قطر على عهدها بموقفها المبدئي في رهن ذلك كله بانتقال سياسي حقيقي في البلاد، بحسب مقررات اتفاق جنيف الذي وافق عليه النظام مع الائتلاف السوري المعارض، وبضمانة دولية. لم يقتصر الدعم القطري على هذا كله، وإنما برز بشكل واضح في تحركات الدبلوماسية القطرية التي لعبت دوراً كبيراً في فضح ممارسات النظام السوري، وترقية أهداف الثورة السورية في المؤتمرات والمحافل الدولية، ومعها ظل الإعلام القطري الرسمي وغير الرسمي يدعم أيضاً أشواق السوريين، ويعكس مواقف ثورتهم، وهو الأمر الذي أثار غضب وحنق النظام السوري، والذي برز ويبرز بشكل دائم في تصريحات مسؤولي النظام أو المؤيدين والمقربين له. الشعب السوري ربما إن كان ثمة إجماع وسطه على قضية ما في هذه الأيام وما أقل إجماعه على القضايا، فهو إجماعه على النظرة الإيجابية حيال الموقف القطري الذي لم يتبدل ولم يتغير طوال 12 عاماً من ثورته والتي كلفت السوريين مليون شهيد وأكثر من نصف مليون معتقل وجريح، وما يزيد عن 14 مليون مشرد في داخل البلاد وخارجها.