18 سبتمبر 2025
تسجيلالأمة الإسلامية أمة عبَّادة لله، ودعوة إلى هذه العبادة وانشغال بتكاليفها في الغدو والآصال، وتوكل على الله بره، وارتقاب دائم لفضله ورضاه. (ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل...).إن أنواع الكمال كثيرة، وقد علمنا إنها لا تنشأ ارتجالاً ولكنها تتكون على مكث، ومع عوامل متوافية، فإذا كان اكتمال الإنسان يحتاج مثلاً إلى أخلاق النظافة في القول والعمل والنظام في الحركة والسكون فإنه لا يظهر جسداً وروحاً إلا بما تغرسها هذه الأخلاق في كيان الإنسان، فلتربط هذه الأخلاق الصلوات الخمس المكتوبة على كل نفس ليلا ونهاراً.وجه يغسله خمس عشرة مرة كل يوم لم لا يكون وضيئاً؟ إنسان يعرض قلبه على ربه ويقف بين يديه (طرفي النهار وزلفاً من الليل) لم لا يكون مخلصاً؟ مجتمع تصطف فيه المناكب والأقدام، كما تصف الملائكة، وتطلب لهذه الصفوف مراراً خلال اليوم والليلة لم لا يكون منظماً؟ فإذا أردت الصلاة لله فلا يستطيع أن يحجبك عنه مخلوق صغر أم كبر.أرأيت بلالاً، العبد الضعيف الذي قاوم جبروت قريش حتى قال: "افعلوا في هذا الجسد ما شئتم أما قلبي فلا يمكنكم أن تحولوا بينه وبين معبوده- أحد، أحد - والله لو وجدت كلمة هي أغيظ على قلوبكم منها لقلتها.فمن حق بلال ومن حقك أن تقف بباب سيدك الذي أوجدك (من ماء مهين) دون أن يحول بينك وبينه كبير أو صغير، ومن حقك أن تسأله وتستغفره دون استصحاب صغير حقير أو كبير جليل فأنت تتصل بفاطر السموات والأرض. بين الحين والحين يشق حجاب الصمت السائد في القرى، لو رأيت ذلك في ماليزيا أو إندونيسيا أو مجاهل إفريقيا أو تركيا، إذا كنت سائراً في نزهة أو ساكناً في منتجع ريفي وإذا بمنادي التوحيد وكذا تسمعه يغالب دوي الضجيج في أنقره أو أسطنبول أو جاكرتا أو حتى الثكلى في بانكي في وسط إفريقيا. صوت جهير رتيب واضح الكلمات حاد النبرات، لا صوت ناقوس مبهم مجرد المعنى ولا صوت ناي راعي الغنم أو بقر، إنه صوت فيه روحانية بلال وعبق التاريخ المشرف، إنه هتاف يعيد إلى الأذهان والمشاعر الوعي إلى الغافلين بأزكى ما في الحياة من حقائق.إنه يزيح الذهول ويقتحم أسوار المآرب الدنيوية التي حجبت وراءها كل معالم التاريخ العبق.إنه صوت المؤذن يقول لأهل الأرض جميعاً (وما أرسلنك إلا كافة للناس) – الله أكبر الله أكبر من كل شيء ويشهد أن الله كبير متعال. تستمع إليه من خلال حفيف الشجر وسكون الليل.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين