18 سبتمبر 2025
تسجيلأن تاريخ المجتمع الإنسان مع ربه سيء لا تبيض صفحة منه بعمل صالح إلا أسودت صفحات بأعمال رديئة حيث يغلب نداء الشهوة نداء العقل وحب العاجلة حب الآجلة (كلاً بل تحبون العاجلة) القيامة : 20 وقد بين الله سبحانه أنه أوقع بالمجرمين ما يستحقون وما أصاب المتمردين على الله فقال جل في علاه (فكلاً أخذنا بذنبه) العنكبوت :40 وقال : (فما كان الله ليظلمهُم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الروم : 9 فأخطاء الأولين تتكرر الآن في الحضارة التي تقود العالم مع تكرار لرذائل الترف والبطر والجحود والأثرة وحب الذات مع ذهول عن الله وإخلاد إلى الأرض وعكوف على ملذاتها. ما الفرق بين ما يجري في هوليود وما يجري مثله منذ عشرات القرون في أسواق النخاسة أو مواطن البغاء، أن مخازي الاستعمار لا تقل عن أمثالها أيام جبروت الأباطرة والفراعنة وأن لطفت الأسماء وغيرت العناوين. أن العجب لا ينقضي من موافقة الكنيسة الإنجليزية في انجلترا على إباحة اللواط بشروط وإقرار القوانين التي صدرت عن مجلس العموم واللوردات. ومع هذا فالقوم يزعمون أن لهم كتاباً سماوياً وأنه جاء فيه : إن الله دمر آل لوط مدينتهم وجعل عاليها سافلها للشذوذ الذي اقترفوه ثم يأتي بابا الفاتيكان إلى أفريقيا فيهاجم تعدد الزوجات ويسكت عن تعدد الأزواج في الغرب وعن الفتيات اللواتي تختفي منهن العذرية في الغرب قبل بلوغهن سن الزواج وكذلك يعتب مجرد عتب على من يمارسون اللواط داخل الكنائس. أن الأساس الغالب اليوم هو الإيغال في المعاصي والانكباب عليها دون شعور بقبحها أو الندم على اقترافها، إلا أن ذوي العزم من عباد الله لهن شأن آخر مع الله الذين خلقهم لطاعته وأسجد لهم الملائكة الذين ركبوا من ظلمة التراب فاكتسبت نفوسهم من ظلمته وقرنها بنور روحه وعقله وجعل بين ظلمة النفس ونور الروح برزخاً لا يعرف إلا بالمجاهدة مثله كمثل الشمس والظل لا يرى الخط الفاصل بينهما إلا ذووا الاختصاص. والإنسان مركب من عقل روحاني وهوى. غير أن بين الهوى والهدى برزخ من التوفيق لولا لطائف الإعانة من المولى جل جلاله لم تطلق البشرية المدافعة. لذلك قال الله عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين) العنكبوت : 69 وذلك لسابقة وعد منه في علاه حيث قال (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (*) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون (*) لا يزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون(*)) الأنبياء (101-103). أن المؤمن قوام على نفسه يحاسب لله عز وجل، أن المؤمن يفجؤة الشيء يعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك وأنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول : ما أردت إلى هذا، مالي ولهذا والله لا أعود إلى هذا أبداً أن شاء الله؟ تناديه يوم فتح مكة أن هلم إلينا لقد طال العهد بيننا فيجيب إلا يأبى الله والإسلام. أن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين ما يشتهون من هلكاتهم. الإنسان مجادل طويل اللسان مغروس في طبعه الحرص على إقناع المخالف بأحقية معتقدة أو عمله حتى ولو كان هذا العمل أو المعتقد باطلاً في حقيقته لذلك تراه يسوغ شهواته ويبسط حاجاته ويستقل ما بين يديه وأن كثر حتى قيل: أن رجلاً قال له ابن أخيه ناصحاً له (يا عم لماذا لا تخرج زكاة مالك وقد أنعم الله عليك منه بالكثير قال العم: طيب يا بني أحسب كم يجب علي، فلما حسبها الولد خرجت ما يزيد على مائة ألف ريال فقال العم: دعك من هذا تخرج من مالي مائة ألف فماذا يبقى عندي أترك ذلك يا ولدي إنما الزكاة تجب على الهوامير أي الأثرياء وعد نفسه فقيراً، لا تجب عليه الزكاة، ولم يخرج زكاته ظناً منه أنه ليس بهامور وإنما هو فقير. الهوامير فقط الذين يملكون المليارات والبلايين. أن اشتهاء الدنيا بجنون وطغيان يكاد يختلط بدماء الناس ولحومهم ويخرج بهم عن جادة الاعتدال والحكمة. قال الإمام الحسن البصري: إن النفس إذا أطمعت طمعت وإذا فوضت إليها أساءت وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت فأنزلها منزلة من لا حاجة له فيها ولابدُ له منها وإنما هي أيام تعد وإنما أنتم ركب وقوف ويوشك أن يدعي أحدكم فيجيب فانقلوا بصالح ما بحضرتكم. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين