13 سبتمبر 2025

تسجيل

منتصف الهمة والهزيمة

19 يونيو 2023

ووصلنا منتصف عام 2023 ونحن الذين كنا نراه بالكاد قد ابتدأ بالأمس فقط لكن الواقع يقول بأن هذه الأيام تتوالى وتأخذ من أعمارنا وأوقاتنا وأحبتنا الكثير للأسف دون أن نشعر وأنا هنا لست للتحسر على ما مضى ولكن للتنبه على ما هو آت وما بقي في ذمة الأعوام الطويلة التي مضت والتي سوف تأتي. فإلى متى ستظل هذه القضايا معلقة ولا تتحرك سوى بقدر أنملة كل بضع سنوات؟! فعلا فعلا ماذا فعلت حكوماتنا العربية لتغير من أوضاع هذه القضايا شيئا فقد قامت عروش وسقطت أخرى ولا تزال أزماتنا محلك سر فلا يتغير شيء إلا للأسوأ وإن تغيرت للأفضل فلا شيء محسوس ومرئي! فهل تغير شيء في قضية فلسطين لنشعر بأننا يمكن أن نعيش عصر الدولة الفلسطينية كما حلم به أجدادنا وزرعه فينا آباؤنا ونقلناه لأطفالنا؟! بل إن الأمر يزداد سوءا وعوضا عن مناهضة إسرائيل وإبداء العداء لها باتت عجلة التطبيع معها أسرع مما كنا نظنه فيما لو حُلت القضية وبات للفلسطينيين دولة وحدود وعيد يوم استقلال وحكومة ورئاسة وحياة جديدة فهل هذا ما كنا ننتظره بعد الانقلابات والثورات والقمم وبيانات التنديد والشجب والرفض والاستنكار لكل هجمات دموية على قطاع غزة ورام الله والضفة؟! بل إن العرب مجتمعين لم يستطيعوا أن يفكوا حصارا آثما على قطاع حيوي فلسطيني محاصر منذ عام 2007 ومع هذا فإسرائيل هي من باتت متربعة في المشهد بينما الفلسطينيون فلا هم موجودون ولا هم متصدرون في شيء للأسف الشديد وباتت قضيتهم التي تقترب من إتمام القرن منسية فلا كانت ولا باتت!. ننتصف عام 2023 وسوف نختتمه وسوريا تموج بين نظام يعتلي سدة حكم على جماجم السوريين وتشريد الملايين منهم وتشتتهم ما بين حدود وأراض تركية وبقاع لبنانية ومخيمات على حدود أردنية وتحميلهم على قوارب الموت الهاربة إلى نعيم أوروبا المصطنع فينجح من ينجح ويموت على الضفاف ما لا تذكره كتب التاريخ ولا تنقله عدسة الكاميرات وتتجاهله القنوات وعوضا عن إدانة من قتل وشتت وهجّر واعتقل ورمى بقنابله المسمومة وغاراته الكيماوية يهرع الكثير للتطبيع معه وفتح سفاراته على أرضه ومد الجسور الدبلوماسية الثنائية معه وإعادته إلى الحضن العربي وكأن مشاهد جثث الأطفال المسجاة بلا حول ولا قوة ولا روح التي لا تزال عالقة في أذهان الآباء المكلومين وفي نفوس ملايين العالم الذين نظروا لهذه المجازر الوحشية لنظام الأسد كانت عبارة عن كاميرا خفية انتهت ويعيش أصحابها على ذكراها فقط! فماذا فعلت أكثر من 20 حكومة عربية في هذا الأمر وقد أصبح منها من يرى نظام الأسد اليوم مستقبل سوريا والواقع الذي يجب أن يعترف به شاء أم أبى؟!. أنا لا أريد أن أعدد قضايانا فالمقام لا يتحمل المقال وبالعكس وما يكتنز في نفوسنا كشعوب عربية أكبر مما يمكن أن نشكو منه اليوم أو أن نسرده في مقال سوف يمضي كما مضى من سبقه من آلاف المقالات التي تكتب كل يوم في هذا الشأن ولكني أحزن حينما أجد الروزنامة تسرع في طي التاريخ وقضايانا تكبر وتتعملق وتأخذ أحجاما أكبر بينما في المقابل فإن الجهود لتقليصها تصغر وتتضاءل فبعد فلسطين واليمن ولبنان وسوريا والصومال وليبيا والعراق والصحراء الغربية والسودان ثم تجدد أزمتها مؤخرا التي بدأ العرب في تناسيها عمدا وطوعا ماذا يمكن أن نضيف وقد فاض القلب بما يحاول تناسيه دائما ربما لأننا شعوب غلب عليها النسيان ثم التذكر فلا يوجد ذاكرة أقوى من ذاكرة العرب ولا قلوب أقسى من قلوبهم لأننا نتذكر المأساة لكن قلوبنا أضعف من أن تشحذ همتها نحو إنهاء مآسيها فإن كنت عربيا مثلي فارفع يدك!.