حوكمة الشركات العائلية

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كانت بادرة متميزة أقدم عليها مجلس الشركات العائلية الخليجية بإصدار ميثاق الشركات العائلية الخليجية قبل عدة أيام، نظرا لتزايد أهمية هذا الموضوع، حيث بات يربط بصورة جوهرية باستمرارية هذه الشركات ما بعد الجيل الثالث نتيجة تفاوت وجهات النظر والصراعات بين أفراد العائلة خاصة مع تزايد أعضائها. وتظهر الإحصائيات العالمية أن نحو ثلثي هذه الشركات يفشل في بلوغ تلك المرحلة. وهذا التحدي يطال نحو تريليون دولار مطلوب تحويلها من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث خلال العقد المقبل. والميثاق تضمن العديد من التوجيهات فيما يخص إدخال مبادئ الحوكمة في الشركات العائلية، والتي يجب أن تشمل حوكمة العائلة نفسها، وحوكمة ملكية الشركة وحوكمة الشركة ثم حوكمة الثروة العائدة للشركة. ونحن نعتقد أن حوكمة العائلة يقع في مقدمة هذه المبادئ ويجب أن تتركز عليها الجهود في الوقت الحاضر، واضعين نصب أعيننا أن تطبيق مثل هذه المبادئ يبدو للوهلة الأولى وكأنه في تعارض من الكثير من الأعراف والتقاليد التي كرستها الشركات العائلية في منطقة الخليج العربي.ووفقا للميثاق، يتكون إطار حوكمة العائلة من سياسات وهيئات ناظمة للعائلة، ولوائح إرشادية للعمل في الشركة العائلية، والخطط الخاصة بالإعداد لتسليم القيادة للجيل للمقبل، وأخيرا موضوع مشاركة المرأة في الشركة العائلية. وبصورة عامة يلاحظ هنا أن الكثير من الشركات العائلية الخليجية قامت بتبني هذه المبادئ بدرجة أو بأخرى، لذلك لن تكون جديدة عليها، ولكن الجديد أن الميثاق يسعى لوضع معايير موحدة تكون بمثابة مرجعية عند تطبيق تلك المبادئ.فعلى صعيد السياسات الناظمة للحوكمة في الشركات العائلية، ينصح الميثاق أن يكون أولها هو وضع ميثاق أو دستور للعائلة. والميثاق أو الدستور هو عبارة عن وثيقة تنص بوضوح على رؤية العائلة والرسالة والقيم والسياسات التي تنظم علاقات أفراد الأسرة بشركتهم العائلية. كما أن هناك تأكيدا على أن وضع هذا الميثاق يتم من خلال المشاورات والحوارات الداخلية بين أفراد الشركة العائلية. ويعالج الميثاق قضايا مثل الملكية وكيفية تناقلها بين الورثة والحصص وكيفية تشكيل مجلس العائلة، ومن هم الذين يديرون الشركة والخلافة وغيرها من الأمور.أما على صعيد الأجهزة الناظمة للحوكمة، فيأتي في مقدمتها تشكيل مجلس للعائلة. وربما تلجأ الشركات الكبيرة لعمل جمعية عامة لأفراد الشركة العائلية ينبثق عنها مجلس العائلة، بينما تلجأ الشركات الصغيرة مباشرة لتشكيل هذا المجلس. ومجلس العائلة هو الهيئة الحاكمة التي تضم عددا محدودا من أفراد الأسرة. وهو يمثل ويتصرف نيابة عن العائلة ككل ووظيفته الأساسية هي خدمة العائلة وتعزيز التفاعل والتواصل وتوفير منصة لتسوية النزاعات العائلية. ومن مهامه أيضا الإشراف على وضع وتنفيذ ميثاق العائلة وتحديد أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء اللجان والإشراف على أموال العائلة المخصصة للخدمات العائلية. كما يمكن لمجلس العائلة أن يشكل بعض اللجان التي تساعده في عمله مثل لجنة التربية والتعليم لعائلة ولجنة التنمية ولجنة الأعمال الخيرية الأسرة.والجانب الثالث من جوانب حوكمة العائلة هو وضع سياسات ولوائح إرشادية للجوانب المهمة في عمل الشركات العائلية مثل توظيف أفراد العائلة، والتعليم، والخروج من الشركة العائلية وسياسة إعطاء القروض لأفراد العائلة، وغيرها. وتبين مثل هذه السياسات القواعد المتبعة في مثل هذه الحالات وكيفية التعامل معها وفقا لأسس ثابتة تطبق على الجميع دون تداخل مع الجوانب العائلية.والجانب الذي لا يقل أهمية وبحاجة لوضع سياسة واضحة للتعامل معه هو كيفية حل الخلافات في الشركة العائلية. ومن الطبيعي أن تنشأ في بعض الأحيان الخلافات أو النزاعات، سواء بين أفراد العائلة لأسباب تتعلق بالتوقعات الشخصية أي الطموحات التي يملكها كل فرد لتقلد مناصب أعلى في الشركة العائلية أو بين الشركة والعائلة بسبب الصراع بين مصالح الأسرة واحتياجات الشركات. على سبيل المثال، قد ينشأ الصراع حين تقتضي مصلحة الشركة تحقيق النمو السريع أو التوسع للمحافظة على القدرة التنافسية والربحية، في حين أن الأسرة قد تكون غير راغبة في تسهيل وتمويل هذا النمو والتوسع.لذلك لا بد من وضع سياسات واضحة لمواجهة هذه الحالات والوسائل الكفيلة لحل النزاعات التي يجب على الشركة العائلية اتباعها في حالة في أي صراعات مستقبلية، لكونها تضع خريطة واضحة للتغلب على تلك الصراعات. وعادة ما تؤسس الشركات العائلية لجان تحكيمية تضم كبار أفراد العائلة أو تلجأ إلى بيوت خبرة للحصول على المشورة. وفي بعض الأحيان، تفضل الشركات العائلية عقد خلوات خارجية تستغرق عدة أيام في أماكن مريحة بعيدة عن أجواء العمل لطرح الموضوعات الحساسة والوصول إلى تفاهمات حولها.