04 أكتوبر 2025
تسجيلفيما لا يزال الموقف الأمريكي والغربي ضبابياً ومراوغاً إزاء دعم المعارضة السورية بالسلاح النوعي أو فرض منطقة حظر جوي أو غيرهما، لخلق حالة من التوازن ـ على الأقل ـ إزاء عربدة نظام دمشق، وفجور داعميه في تدخلهم العسكري السافر في الشأن السوري، والنيل من سيادة البلاد وأراضيها، فإن الأيام الأخيرة شهدت بالمقابل حراكا نوعيا على مستوى بعض الأنظمة والمكونات السياسية والفكرية والشعبية العربية والإسلامية، ومواقف سياسية متقدمة إزاء الثورة السورية ونصرة شعبها المظلوم، وكما يقولون أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي. من أهم هذه المواقف ما صدر عن مؤتمرين إسلاميين الأول هو: مؤتمر علماء الأمة الإسلامية وحضرته 76 منظمة إسلامية، بينها الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والإخوان المسلمون وهيئة علماء المسلمين في العراق ورابطة العلماء المسلمين في سورية ورابطة علماء الشام إضافة إلى عدد من الدعاة من السعودية، والثاني كان مؤتمر "الأمة المصرية لنصرة الثورة السورية" بمشاركة الرئيس محمد مرسي وعشرات الآلاف من المصريين وأقطاب وأعلام وعلماء الدعوة الإسلامية، حيث تمخضت عنهما دعوات للجهاد لنصرة الشعب السوري، والوقوف في وجه المخطط الإيراني ومشاركته إلى جانب نظام الأسد في مجازره وإجرامه، بكل السبل المتاحة. وتضاف إليهما مواقف الرئيس المصري الذي تضمنت قطع العلاقات الدبلوماسية كاملة مع النظام السوري، والوقوف ضد حزب الله ودعوته للخروج من سوريا. وكذلك موقف حركة حماس الذي دعت فيه "حزبَ الله إلى التوقف عن القتال إلى جانب قوات النظام في سوريا، معلنة تخوفها من أن يؤدي تدخل الحزب لتأجيج الصراع المذهبي في المنطقة، ومثله موقف الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، وتنظيم وقفات احتجاجية نقابية وشعبية أمام السفارة اللبنانية في الأردن، وفي ميادين عامة بالعاصمة الكويت ضد حزب الله. ومثل هذه المواقف لا تخفى أهميتها من خلال جملة أمور: ـ الدعم المعنوي للشعب السوري المظلوم، المتمثل في وقوف الإخوة والأشقاء إلى جانبه وجانب ثورته اليتيمة، خصوصا بعد أن وصل النظام الإيراني وميلشيات حزب الله حداً لم يعودوا يخجلون فيه من الإعلان عن انخراطهم الواسع والكبير في المعارك ضد الثوار والشعب السوري، وتخلي العالم عن مسؤولياته الأخلاقية والقانونية إزاء شعب يذبح وترتكب بحقه أبشع الفظاعات. ـ انكشاف حقيقة كثير من الأنظمة والمنظمات وافتضاح مخططاتها التوسعية والمذهبية لدى الشعوب، بعد أن كانت تغطّي نفسها بأقنعة المقاومة والممانعة وتحرير المقدسات. وبالتالي لن تكون المتاجرة بالإسلام وخدمة فلسطين والحديث عن تحريرها، ونصرة المستضعفين وتزييف وعي الشعوب مهمة سهلة بعد اليوم على نظام الملالي وأدواته من مليشيات الموت والتدمير في كل من لبنان والعراق، بعد أن قال علماء الأمة وقالت حركات المقاومة الأصيلة كلمتهم المدوّية. تحقيق نوع من الاصطفاف الواسع الذي يعبِّر عن روح الأمة ونخبها وتجمعاتها، في مواجهة الظلم الواقع ضد الشعب السوري منذ نحو عامين ونصف العام. ولكن بالوقت نفسه فإن هذا الحراك يحتاج إلى ما يلي حتى يكون مجديا ونافعا ومؤثرا: ـ أن تترجم الأقوال إلى أفعال، وتتحول الوعود إلى حقائق، ولو تمّ ذلك حقا، لرأيت تأثيراته المباشرة وغير المباشرة، على المعتدين على الشعب السوري من خلال عقد قمة عربية ــ إسلامية طارئة لنصرة الشعب السوري.