20 سبتمبر 2025

تسجيل

حول قلق المكانة

19 مايو 2021

المكانة في المجتمعات التقليدية لها محدداتها وشروطها التي ينتجها المجتمع من داخله، من خلال عملية وسيرورة تاريخية. مع التطور ينتج المجتمع شروطاً جديدة نتيجة هذا التطور، بناء عليها يفتح مجالاً لأشكال جديدة من المكانة الاجتماعية دون إلغاء للمكانة التاريخية المتحققة سابقاً، لذلك المكانة التاريخية في المجتمعات الأصيلة متحف متجاوز وليس ساحة إلغاء وإحلال. والاخطر من ذلك حينما يتم التدخل في تحريك التاريخ يدوياً في عملية إنتاج رموز وأيقونات ليست إنتاجاً لتاريخ حقيقي، وليس لها بصمة ذاتية حقيقية من داخل المجتمع، بقدر ما هي إسقاطات فوق التاريخ وفوق المجتمع، فيتعامل معها المجتمع بسخرية وبلا عمق حقيقي. التاريخ ليس هناك سوى الاعتراف به كما حدث وحصل، وليس في ذلك ضير للحاضر ولا لرموزه، بل إن من عظم الحاضر أن يعترف بالماضي كما تم أو حصل. الانتقاء من التاريخ لإيجاد ودعم الحاضر خطر على الحاضر وليس خطرا على التاريخ، حيث عملية الانتقاء التاريخي في صياغة التاريخ هي في الاساس عملية نفي مستمرة إذا ما استمرت الاجيال جيلاً بعد آخر في اعتمادها، وسينعكس هذا على الثقافة، وهو واضح اليوم في مجال الادارة الحكومية، حيث إلغاء تاريخ من سبق في الوظيفة يبدو عاملاً حاسماً لإنجاز من لحق. أتمنى أن يعي المسؤولون دور التراكم الضروري لبناء الانجاز، وكذلك أهمية التاريخ كما حصل وتم لبناء جيل متصالح مع نفسه يفضل التسامح والاعتراف على الانتقام والالتفاف. يتحكم المجتمع بقدرته على الامساك بورقة الاعتراف، لذلك اية محاولات لفرض تاريخ او شخصيات ما لم تمر عبر توافقات يرتضيها المجتمع سيرفضها، حتى ولو ارتضتها السلطة الا انها ستبقى في وعي المجتمع عملاً اكراهياً لا أكثر. الحصول على الاعتراف من الدولة اسهل بكثير من الحصول عليه من المجتمع، لذلك تجد تسابقاً لإرضاء الجهات الرسمية حتى على حساب المبدأ والموقف لدى اولئك الملتحقين إلى درجة الغاء ذواتهم ليصبحوا مجرد اشياء لا غير. [email protected]