11 سبتمبر 2025

تسجيل

إيران تعاقب أمريكا!

19 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قد يظن البعض أن هناك خطأ في العنوان، لأنه من غير المنطقي أن تعاقب إيران الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم..لكن الحقيقة أن العنوان صائب ومقصود لذاته، لاسيَّما بعد أن تجرأ مجلس الشورى الإيراني"البرلمان" المنتهية ولايته بإصدار قرار يطالب الولايات المتحدة بدفع تعويضات عن "الأعمال العدائية والجرائم" المرتكبة بحق إيران منذ مساهمتها بمشاركة المخابرات البريطانية في الانقلاب على حكومة مصدق عام 1953 (أي قبل 63 عامًا)، وما تلاها من ممارسات أسهمت في تعرض طهران لأضرار مادية وبشرية جسيمة خاصة بعد دعم واشنطن للعراق في حربه ضد إيران والتي استمرت 8 سنوات"1980-1988"، كما طالب البرلمان الحكومة باتخاذ ما يلزم في هذا الشأن، ورغم أن القرار لم يحدد قيمة هذه التعويضات، إلا أنه من المتوقع أن تبلغ 50 مليار دولار، وهي جملة التعويضات التي حكمت بها المحاكم الإيرانية المختلفة لضحايا الأمريكان. هذا القرار يمكن فهمه في إطار عدة سياقات، فهو من ناحية نوع من المناكفة الإيرانية لواشنطن، ومحاولة لإثبات الوجود ورد الاعتبار بعدما قررت الأخيرة التحفظ على ملياري دولار من أموال طهران المجمدة في نيويورك، لتعويض عائلات نحو ألف أمريكي هم بحسبها ضحايا هجمات قامت إيران بتنفذيها أو دعمها، وهو ما اعتبره الرئيس روحاني بمثابة سرقة فاضحة، وتعهد بتقديم شكوى بشأنها أمام محكمة العدل الدولية.أما السياق الثاني وربما الأهم فهو خوف إيران من خسارة المليارات –وليس مليارين فقط- نتيجة عزوف الاستثمارات الأوروبية تحديدا عن الاستثمار بها، بسبب رفض واشنطن إعطاء ضمانات للشركات والبنوك الأوروبية للقيام بهذه الاستثمارات. أما السياق الثالث، فهو رغبة البرلمان في إرسال رسائل للرأي العام الداخلي بمدة قوته وحرصه على تحقيق مصالح شعبه، وحقوقه التي لا تسقط بالتقادم، حتى وإن كانت الجرائم ارتكبت منذ 63 عاما.إذن فهو نظام لا يفرط في حقوق شعبه، وهي رسالة رابعة موجهة ليس فقط للولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بل للدول العربية أيضا..وكأن طهران تريد توجيه رسالة لحكام الدول العربية التي ربما تنازلت طوعا أو كرها عن الكثير من سيادتها، وكرامة مواطنيها من أجل مصالح حكامها، بل عجزت مجتمعة عن استرداد الأراضي المنهوبة من قبل إسرائيل منذ عام 1948، مفاد هذه الرسالة "أني لست مثلكم"، لم لا وهي تحتل بعض الأراضي والجزر العربية، فضلا عن ممارساتها الإجرامية في العراق، وسوريا ولبنان واليمن؟صحيح أن القرار الإيراني قد لا يجد طريقه للتنفيذ في مواجهة الأمريكان، لكن على الأقل قد يمنع أمريكا من اتخاذ إجراءات تصعيدية "اقتصادية" بشأنها. كما أنه يشير إلى حقيقة مفادها أن قوة أي نظام سياسي تنبع من قوته الداخلية من ناحية، وتنوع علاقاته الخارجية من ناحية ثانية، وكلما كان هذا النظام أقل اعتمادا على الخارج، استطاع مواجهة هذا الخارج، أو على الأقل إجباره على التعاون معه بصورة تختلف عن علاقة التبعية التي تعاني منها للأسف العديد من الدول العربية. وربما نجحت إيران في إجبار واشنطن على التنسيق معها في غزو أفغانستان 2001، والعراق 2003. بل قامت واشنطن بإنهاء الخلاف النووي معها، والرفع الجزئي للعقوبات المفروضة عليها، ويبدو أن القادم سيحمل مزيدا من التفاهم بين الطرفين.