11 سبتمبر 2025
تسجيلتساءلت كثيراً من هو الاحمق ولماذا يكون أحمق وماهي صفاته ولماذا نسمي هذا أحمق وما هو مقياسنا فوجدت أنها تختلف من شخص لآخر ومن فكر لفكر ومن قضية لأخرى ومن مجتمع لمجتمع فكل له مقياس ورأي وتصنيف حسب ما يراه ويظنه. ولكني وجدت أن هناك عاملا مشتركا في هذه الدنيا وهو أن الأحمق الحق هو ذلك الشخص الضعيف مهما كان قوياً والمسكين مهما كان غنياً ووجيهاً والجاهل مهما كان عالماً هو ذلك الإنسان الذي يعتقد أن الدنيا سوف تدوم له بل ولديه ثقة عمياء بها وتعلق كبير بعالمها فهو ذلك الأحمق لأنه نسى أنها دنيا تدور؛ نتداولها فيما بيننا ليس فيها قوي ولا ضعيف ولا كبير ولا صغير ولا غنىً دائم ولا فقر مستمر وأنها دنيا تقوم على المتضادات لا يستوي حالها ولا تدوم لأي كان ولو التفت كل منا قليلاً لعالمه لوجد أن هناك ليلاً ونهاراً وخيراً وشراً وأرضاً وسماءً وحراً وشتاءً وحياً وميتاً ومريضاً وصحيحاً وخطأ وصواباً وظلماً وعدلاً وذكراً وأنثى وحرباً وسلاماً وحرية وسجناً وماضياً وحاضراً وعلماً وجهلاً فكلها متضادات تعيشها اليوم ويعيشها غيرك غداً.ولعل الدنيا تعمينا ونحن نعيش في صراعها ولن يشاهد الحقيقة ويملك الحكمة من لم يطلق العنان لنفسه ليكتشف الأمور ويعطي العقل فرصة التحليل والتحقق والاجتهاد الذي سيقوده للحقائق بعيداً عن قانون التبعية بقناعات الآخرين التي للأسف يسلم بها البعض وكأنها حقائق لا يمكن المساس بها وكل منا لديه الحرية التامة التي من خلالها يستطيع أن يكتشف الأجوبة على كل سؤال هنا أو هناك فالعقل حر في تفكيره وعندما نقيد عقولنا بفكر غيرنا ومصطلحاته فسنكون عبيداً لهذا العقل أو ذاك وحينها لا تصبح عقولنا حرة تفكر كما أمرها الله فالرسول الكريم كان يذهب لغار حراء ليختلي ويتفكر وإبراهيم عليه السلام كان ينظر للكون ليتفكر من خلق هذا الكون شمساً وقمراً وتلك دلالات على أهمية التفكر وإعطاء العقل فرصة البحث والتحليل التي تقود للإجابات وتولد القناعات وتكشف الحقائق وعندما وهبنا الله عقلاً فهو بدون شك رحمنا باختلافاتنا فكان الاختلاف رحمة وليس شقاقاً ولا شقاءً.كل منا عندما يجعل حياته من أجل الحياة فقط فلاشك أنه يحكم على نفسه بالموت المبكر وأنه يطبق نظرية إبقاء ما كان على ما كان وهذه هي المهلكة فهناك فرق بين التعلم والتفكر، فالتفكر إرادة والتعلم رغبة لذا كان النجاح دائماً حليفاً للإرادة والموهبة وهي لا تكتمل إلا في تلك الشخصية التي تعتمد على الفكر والقدرة على التحليل والاختيار فالنمطية في كل شيء لا تخلق لنا الجديد بل هي استمرار للقديم بشكله ومضمونه وأختم بمقولة شهيرة لعلي عزت بيجوفيتش الذي يقول (حين نُعلم الإنسان التفكير فإننا نحرره وحين نلقنه فإننا نضمه للقطيع) والأعظم من ذلك قول الله سبحانه وتعالى (إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكرون).