11 سبتمبر 2025

تسجيل

علاقة الخليج مع محيطه العربي

19 مايو 2015

السعودية بقيادتها الجديدة التي يشكل الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان جناحي السياسة الخارجية القوية التي يقودها الملك سلمان بن عبدالعزيز دون تردد، غيرت النظرة الرتيبة للخليج العربي خصوصا بعدما قررت خوض معركتها في اليمن دون الاعتماد على الحليف الأكبر والأقوى في العالم وهي الولايات المتحدة، ويقابل القيادة السعودية القيادة الشابة في قطر التي نهض بها الأمير تميم بن حمد آل ثاني، حيث شكّل حلفه مع الرياض دعما لا يقدر بثمن لتحقيق أمرين هامين الأول إعادة عرى العلاقة بين الأشقاء على أساس العربية الإسلامية الخليجية الأصيلة وتوثيقها من جديد بناء على متغيرات عالمية جديدة، وفهم خاص لمستقبل العالم العربي، والثاني ما فعلته معركة "عاصفة الحزم" المفاجئة حين صفعت الخصم الإيراني المستتر خلف "التقية السياسية" التي تعامل بها مع جيرانه العرب، وهذا عطّل عربة المدفع الإيراني الذي كان يظن قادتهم أنه يتحرك أينما شاء.اليوم وبعد ما يقارب الشهرين من التحرك المتفرد للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لمحاولة خلق تحالف عربي وإسلامي يكسر الاحتكار الأمريكي الأوروبي والروسي الإيراني للتحالفات العسكرية الدولية المعلنة وغير المعلنة، فإن خيبة أمل شهدناها جميعا عندما اعتذرت دولة كبرى كباكستان في الانضمام عسكريا للتحالف رغم رعاية المملكة لها طيلة عقود قامت خلالها بدعم برنامجها النووي، ولكن يبدو أن المتغيرات باتت متسارعة، يقابلها في ذلك نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أعلن استعداده لما سماه "حماية دول الخليج العربي" ومشاركة جيشه في المعركة، ولكن لم نر شيئا على أرض الواقع سوى دوريات لقطع بحرية في البحر الأحمر، رغم تدفق مليارات الدولارات لخزينته.إذا كيف ستستمر العلاقات الخليجية مع محيطها العربي الحدودي، فإيران كتمساح المستنقع فاغراً فمه ينتظر الإطباق على صيده، والعراق حتى عقدين أو أكثر من الزمن لن يكون دولة مؤسسات تستطيع حماية حدودها وضبط الأمن فيها وتنظيفها من العصابات الطائفية والتنظيمات المتطرفة ولن يعود لعروبته والتخلص من التبعية الإيرانية حتى يشاء الله، فيما سوريا ذهبت إلى أبعد من العراق، فلم تعد تملك مقومات النهوض حتى لو سقط النظام الحاكم وبدأت حياة جديدة له، واليمن هو كما يراه الجميع، سيكون مشكلة أمنية بشرية وتنموية قادمة أكثر منه مشكلة سياسية، لأن عصابات الحوثي وحلفاءهم لن يتركوا المستقبل هادئا في اليمن حتى ولو أعيد تشكيل منظومة الدولة سياسيا وعسكريا واقتصاديا من جديد.الأردن هو البلد الوحيد الذي لا يزال بفضل الله مستقرا على أسس سياسية وأمنية واقتصادية متواضعة، ورغم أن المسؤولين الأردنيين يدركون تماما أن الأشقاء في الخليج قد أداروا ظهرهم للأردن، فإن السياسة الأردنية التي يقودها الملك عبدالله الثاني لم تتغير تجاه الأشقاء في الخليج، وكما ذكرت في مقال سابق لا يبني الأردن مواقفه مع الأشقاء بناء على المصالح الخاصة به، ولا يزال حتى اليوم رغم ما يعانيه من اختناق اقتصادي تام وغرق في المديونية العامة للدولة وحصار التصدير الاقتصادي خصوصا عبر سوريا والعراق، فإنه لا يزال يقف شعبا ونظاما مع الشقيقة السعودية وقطر والكويت والبحرين والإمارات كما لم يقف أصحاب "المقاصّة السياسية".يذكر الوسط السياسي والإعلامي في عمّان دوما مواقف الأستاذ الكبير د.محمد المسفر ومقالاته عبر صحيفة الشرق التي ينصف فيها الأردن ويذكر الأِشقاء به، ويدعوهم إلى عدم التخلي عنه في هذه الظروف الصعبة، ولكن ما لم يقله الأستاذ الكبير ويخجل المسؤولون الأردنيون من ذكره، محبةً لا تكبّرا، هو أن الحكومة الأردنية لا تزال تضع في خطة موازنتها مبلغ مليار دولار هي حصة دولة قطر الشقيقة التي تبرعت فيها عبر الصندوق الخليجي للأردن، ولم يأت أحد على ذكره. الأردن بلد يمكن للأشقاء في الخليج المراهنة عليه في جميع الظروف، حتى وإن اختلفت وجهات النظر وتعاقبت الأزمات السياسية فإن الأردن عمق جغرافي وحليف سياسي وعروبي يمكنكم الاعتماد عليه بعد فشل التحالفات مع الآخرين، ولا تزال الفرصة مواتية لإعادة بناء خارطة عربية بناء على النظرة المصلحية العربية في سوريا قريبا والعراق أيضا وهذا يتطلب دورا أردنيا يحتاجه الجميع لإعادة الحياة للشرق الأوسط العربي الغارق بالدماء.