31 أكتوبر 2025

تسجيل

ماء الوفاء وشجرة الحياة

19 مايو 2013

صعبة تلك الحياة التي ترتسم في بدايتها صورة من الوفاء في الذهن وتطبع بصماتها في القلب لمن يشاركك الحياة بحلوها ومرها وتتغلغل روح الحب والأمل بأجمل ما فيها معه، وبالتالي تتشارك معه الصور الجميلة لمستقبل تمتلئ بساتينه بالبراعم الغضة التي لا تلبث أن تتحول إلى زهور نضرة ثم إلى أشجار باسقة مليئة بالثمار الناضجة، تسعد بها العين وتطمئن بها النفس، ومع كل ذلك تسقى بماء الوفاء والإخلاص الذي يظن كل منكما أن الآخر يملكه ويملك ينبوع تدفقه، وتمر الأيام وتتعاقب السنوات، والإيمان والثقة في ذلك ما يزالان مستمرين متواصلين، رغم ظهور بعض العطب أحيانا في تلك الشجرة التي والحمد لله لا تلبث أن تعود لحالتها الطبيعية وتبدأ من جديد بالعطاء والاخضرار، فالعطب قد حدث بعد أن قل الماء أو تعكر بشيء ما، فقل الوفاء والإخلاص، وخالط النفس شيء من الظن، وبعض من هذا الظن اثم، نعم، فقد حاول أحدكما أن يبعد عن نفسه ذلك الظن ويحوله إلى حسن الظن، وإيجاد الأعذار والأحوال الطارئة غير الطبيعية التي قد تكون لعوامل خارجية. وتستمر الحياة، ويتدفق ماء الوفاء الصافي مرة ثانية، رغم أن أحدكما يرى بين الحين والآخر جسيمات ولكنه يتغاضى وينسى، ويبعد عما قد يشوش أفكاره تجاه الآخر. ولكن يوما تتحول تلك الجسيمات إلى قطع كبيرة ترتسم فيها وجوه غريبة تكاد تنطق وتبوح عن ماهيتها، ولكن يحاول الآخر طمسها وإبعادها مؤقتا، حتى يصفو الماء مرة أخرى رغم أن بقاياها معكرة. ورغم محاولات الطمس المتكررة، إلا أن تلك الجسيمات تكبر وتعلو وترتفع معلنة حدوث شيء ينذر بالخطر سوف يدمر تلك الشجرة، ولكنها لحسن الحظ تظل مشوشة غير واضحة تتحول إلى شيء من السراب، ومن ثم تتضح الرؤية، وقد يكتسيها الضباب الكثيف الذي يحذر منه في الطريق خوفا على الأرواح من حوادث قد تكون مميتة. لذا، فإن أحدكما ينتظر زوال ذلك الضباب ووضوح الرؤية ليؤمن حياته وحياة أحبائه، ويبعدهم عن خطر الطريق، وبالتالي يعود الماء إلى نقائه وصفائه ويزداد وفاءً وإخلاصاً، وفي هذا الانتظار تكمن صعوبة الحياة والقدرة على الاستمرار فيها.