15 سبتمبر 2025
تسجيلكتبنا في مقالة سابقة على صفحات هذه الجريدة, عن ذكرى النكبة وحقائق إسرائيلية.في هذه المقالة نرى الحقائق في الوجه الآخر للصراع, وهو نعم الصراع العربي - الصهيوني, وليس النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي كما يردد البعض, وبخاصة عندما جاءت الإثباتات الشعبية الجماهيرية العربية من الكثير من العواصم والمدن العربية, وهي تحيي ذكرى النكبة الثالثة والستين، فالأعلام الفلسطينية ترتفع وتتألق في المسيرات والمظاهرات العربية تأييدا لحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة والمسيرات الشعبية الفلسطينية والعربية باتجاه نقاط التماس مع إسرائيل في كل من سوريا ولبنان وغزة تعد بالدماء : عشرات الشهداء ومئات الجرحى على أيدي العدو الصهيوني . كنا نتمنى لو أن مسيرتي الأردن ومصر تمكنتا من الوصول إلى الحدود مع العدو الصهيوني.. مسيرات في الضفة الغربية ومنطقة 48، الأمر الذي جعل من إحياء الأمة العربية لهذه الذكرى في هذا العام، أمراً مميزاً، إن في المسيرات الجماهيرية في العواصم أو تلك الذاهبة في اتجاه الحدود ، وهو ما يعني أن الصراع بوجهيه الوطني والقومي عاد إلى مربعه الأول، فالجماهير العربية لم تُسقط القضية الفلسطينية عن أولويات أجندتها يوماً.الجديد أن هذه الجماهير, بالتغييرات الثورية التي تصنعها بأيديها, امتلكت زمام الأمور أكثر من ذي قبل , في حرية التعبير عن آرائها، ولذلك كان إحياء ذكرى النكبة, مميزاً هذا العام. من جانب ثانٍ: رغم قوانين العدو الصهيوني العنصرية التي سنّها الكنيست الإسرائيلي لهذا العام من أجل منع فلسطينيي منطقة 48 من إحياء ذكرى النكبة , تحدى أهلنا داخل الخط الأخضر, إسرائيل , وأحيوا الذكرى, لا ليوم واحد, وإنما لأيام عديدة،وهو ما يشي:بأن إسرائيل كما عجزت عن (أسرلة) هؤلاء طيلة 63 عاماً،رغم كل محاولاتها محو هويتهم الوطنية والقومية ,ثقافةً وانتماء ووجوداً، فستعجز عن كسر إرادتهم،وهو ما يؤكد أن الفلسطينيين في الوطن والشتات, يوحدهم الحلم والأهداف ,كما الانتماء, وهم ماضون في نضالاتهم من أجل تحقيق طموحاتهم الواحدة وأهدافهم الوطنية. لعل ما قلناه:هو من أبرز الحقائق في الخاص الوطني الفلسطيني والعام القومي , ومهما حاول البعض الفصل بين المسألتين فإن أكبر الأدلة على استحالة إيجاد الشرخ بينهما هو: الوضع الشعبي العربي الحالي, فيما يتعلق بالخصوصية الفلسطينية.ولعل من أبرز الحقائق النضالية الفلسطينية والعربية الأخرى: أولاً: أن حق العودة في الذهنية الفلسطينية يترسخ يوماً بعد يوم, إذ أن 63 سنة من النكبة لم تُنس الفلسطينيين في الوطن والشتات, حقهم في العودة إلى بلدهم وأرضهم إلى وطنهم ومدنهم وقراهم،فالأجيال الجديدة أكثر تشبثاً بهذا الحق من الأخرى السابقة، فإن سألت طفلاً فلسطينياً في الوطن والشتات من أي بلدة أنت يجيبك باسمها الفلسطيني قائلاً:أنا من سَلمة, وهذا على صعيد المثال وليس الحصر. ثانياً: أن القرى الـــ537 التي هدمتها إسرائيل في منطقة 48 في محاولة واضحة لمحوها من الذاكرة الفلسطينية, تماماً كما تهويد الأسماء الذي مارسته إسرائيل منذ إنشائها وحتى اللحظة،على المدن والقرى العربية والشوارع والأزقة في هذه المدن والقرى والأماكن , كما الأسماء الحقيقية, بقيت خالدة في الذاكرة الفلسطينية, ليس كنوستالجيا فقط، وإنما إصرار على إعادة بناء هذه القرى إلى أرض الواقع،وعودة أهلها إليها. ثالثاً: أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده, هو وحدة واحدة, تختلف معاناته الخاصة, باختلاف مشاكل الجغرافيا التي يتواجد عليها،لكن معاناته العامة المتمثلة في الهموم والأهداف الوطنية والنضال من أجلها(كلُّ وفق قدرته ووفقما تسمح له الظروف الموضوعية به) هي هموم وأهداف ونضال واحد. رابعاً: أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده سيبقى الضمانة الأساسية الأكيدة على التمسك بالأهداف والحقوق الوطنية الفلسطينية في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني،وبخاصة في ظل انسداد الآفاق أمام التسوية (إلاّ الحكم الذاتي), وانعدام الفرص أمام كافة الحلول الأخرى.. خامساً: أن النكبة والنكسة والمذابح والاعتقال والاغتيال وهدم القرى وسرقة الأرض،وكافة أشكال الملاحقات والمضايقات والتجويع والمنع من العمل وغيرها من مظاهر المعاناة الفلسطينية الطويلة منذ ما قبل النكبة وحتى اللحظة،والمؤهلة للاستمرار طالما بقي الأعداء،لم ولن تستطيع إرهاب الفلسطينيين, مثلما يقصد الأعداء, بدلاً من ذلك ازداد الفلسطينيون تمسكاً بهويتهم وبحقوقهم وأهدافهم وإصرارهم على تحرير وطنهم،ورفضهم لكل ما هو بديل عن الأرض الفلسطينية . هم كانوا, وهم الآن , وسيظلون الأوفياء لوطنهم مهما غلت التضحيات, ورغم كل أشكال المعاناة, ورغم كل المؤامرات التي تستهدفهم وطناً وشعباً. لتكن الذكرى 63 للنكبة محطة جديدة لتمسكنا بالحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية.