16 سبتمبر 2025
تسجيلأعيش تحت ظل شجرة... لا شيء ينير طريقي سوى بعض النجوم... بعضي يبكي والبعض الآخر لا يزال يتصفح كتاب ذكرياتي المنقوش على رصيف رمادي يشتكي جفاء السائرين.... وها أنذا أعيد تصنيف كتاباتي لتتشابه مع واقعي المظلم.. الجريح.. الآسن!أعدت صياغة معظم الفقرات ليتناسب ذلك مع سياسة دار النشر التي اتفقت معها على محو ذكرياتي من ذاكرتي وسردها في كتاب منفصل أعيش معه تفاصيل حياة الأنا تحت ظل شجرتي الوفية... الحاضنة لأضلعي... حلمي عديم الهوية... مكسور الجناح! لغتي غريبة لا يفهمها الآخر ولا الآخر له لغة سواها...يمارس البعض في حقي ازعاجاً مميتاً يقاتل طبلة أذنيّ كالذباب...أقاومه بوضع سماعات للأذن... بموسيقى صاخبة وأكثر ازعاجاً...حياتي بدون الكتابة.. بلا طعم... بلا لون... بلا رائحة!كتجربة كيميائية صعبة هي كتاباتي... حيّرت علماء الكيمياء!عرّت ضعفي وقوتي في آن واحد... ليس لقلمي مثيل فقد اشتريته ذات يوم... ذات ساعة... ذات دقيقة... ذات ثانية... ذات لحظة! من تلك المكتبة المنتصبة في نهاية الشارع الرمادي، ذو زجاج التصقت عليه "استيكرات" لقلم Parker النحاسي الصنع... ذو العلبة البلاستيكية الشفافة... أذكر تلك المكتبة الصغيرة جيداً حينما كنا صغاراً كنّا نتهافت عليها لشراء أقلاماً للمدرسة وعلباً هندسية تحتوي على المنقلة ذات النصف دائرة! وأقلاماً أخرى...والآن "كيبورداً" يتحمّل حروفي وكلماتي... من يهتم لذلك؟أنا من يضيع ليبحث عن صديق الكتروني ذا كيبورد بأزرار حفرت عليها الحروف العربية لأستخدمها في الحال!أنا من يغيب... لأعود مرة أخرى ولكن للآخر... الآخر...الحاضر... الغائب...الذي يقرأ كلماتي ويفهمها...الذي بنى مدرسةً ليبني جيلاً بكتاباتي ومذكراتي وروايتي التي لم تنتهي بعد!على هذا الورق أعيد تصنيف مذكراتي اليومية... لأكتب ما أريد...بورقة دامعة وأخرى ساخرة... ساخرة من الألم! هذا ما يقولونه دائماً عني بأنني أسخر من الألم والمجتمع الذي أبى إلا أن أولد بداخله في مستشفى حمد للنساء والولادة... في عام 1981 بعد أن سُمع صوت دوي من حنجرة صغيرة... ووجه أبيض دامع... وجه أحمرّ من شدة الفزع من الممرضات اللاتي فتحن أعينهن الصغيرة بـ Hello Baby Your Mum is Here! .وتتمدد الكلمات في أفواههن... ليصبح نطق الكلمة الواحدة لمدة عشر ثوانٍ، وأصابعي الصغيرة تتحرك وهم يحملونني بين أيديهن... فتكبر... وأكبر تباعاً... لترتخي أصابعي على كيبورد الكمبيوتر المحمول في محاولة مني للعودة إلى الآخر...كلمة أخيرة:"صمت الآخر أحياناً، أشد رعباً من نطقه بحقيقة لا نود سماعها".* سعود السنعوسي