10 سبتمبر 2025
تسجيلكثر الحديث وتعددت الآراء ونشط المحللون لمبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنشاء ميناء/ رصيف عائم مؤقت على شاطئ غزة الشمالي بهدف إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها على أهلنا في غزة الذين يعيشون في أسوأ ظروف يعيشها الإنسان في العصر الحديث، ذلك بفعل حرب إسرائيل على قطاع غزة والإبادة الجماعية للإنسان الفلسطيني في القطاع والتدمير الشامل لكل بنيته التحتية بسلاح أمريكي وحماية سياسية ومدد مالي لا ينقطع وإعلام تزييف الحقائق وترويج الأكاذيب عن أفعال المقاومة الوطنية الفلسطينية في غزة. (2 ) الرئيس الأمريكي بايدن بمشروعه إنزال مساعدات إنسانية لأهل غزة عن طرق الجو يحتقر الذكاء عند الإنسان والقدرات العقلية لكل الذين يشتغلون بالسياسة على امتداد الكرة الأرضية بأن تلك العملية الغبية «إسقاط جوي» لا تشبع طفلا ولا تروي عطش إنسان ولا تضمد جراح مريض. والحق أنه يثبت بأن قدراته السياسية تتآكل فهو يسمي الرئيس المصري السيسي بالرئيس المكسيكي وبدلا من الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون يذكر الرئيس الفرنسي الأسبق ميتران الذي توفي عام 1996. الأمر الثاني إعلان الإدارة الأمريكية بأمر من الرئيس بايدن بإسقاط جوي على شمال غزة للمنكوبين الفلسطينيين يشمل طحينا وبعض المواد الغذائية في نفس الوقت يزود إسرائيل بالسلاح والطائرات الحربية والبوارج البحرية والذخائر المتطورة وكامل المعدات العسكرية وكذلك يأمر بتخصيص ملايين الدولارات لإسرائيل، وكأني بحال المواطن الفلسطيني يقول للرئيس الأمريكي ووزير خارجيته بلينكن لا نريد مساعدتكم الإنسانية ، ساعدونا بعدم تزويد إسرائيل بالمال والسلاح والدعم السياسي في مجلس الأمن الدولي وسائر المنظمات الدولية. الرئيس الأمريكي يعلم حق العلم أن الكيان الإسرائيلي كيان وظيفي لأمريكا ومن صلاحياته الدستورية إصدار أمر رئاسي لإسرائيل بوقف القتال والانسحاب من قطاع غزة كما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق ايزنهاور في ستينيات القرن الماضي عندما أصدر إنذارا لدول العدوان الثلاثي (إسرائيل وبريطانيا وفرنسا) بالانسحاب من أرض مصر بما في ذلك قطاع غزة وكما فعل الرئيس الأسبق رونالد ريغان عندما رأى ضحايا القصف الإسرائيلي على بيروت عام 1982 أمر مناحيم بيغن رئيس حكومة إسرائيل بوقف الحرب على لبنان وفي أقل من ساعة أوقف العدوان على لبنان. فهل يجرؤ الرئيس بايدن على إصدار إنذار للعدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من قطاع غزة وفتح جميع المعابر البرية والبحرية للوصول إلى غزة المحاصرة دون أي عوائق من أي طرف بدلا من أكذوبة إنزال المساعدات الإنسانية جوا وإقامة ميناء بحري على شواطئ غزة؟! الجهود الأمريكية المبذولة اليوم من الدوحة مرورا بالقاهرة وواشنطن وتل أبيب كلها تدور حول إطلاق الرهائن الإسرائيليين الذين هم بقبضة المقاومة الفلسطينية وليس بوقف إطلاق النار على أهل غزة ولا ذكر للرهائن والمعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل من قبل الأمريكان، والذين يزيد عددهم على 8000 معتقل، ويقيني بأن المفاوض القطري واعٍ لهذا الانزلاق المنظم بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل. (3) تفتقت عبقرية الرئيس الأمريكي بايدن مؤخرا بإنشاء ميناء عائم مؤقت على الشاطئ الشمالي لقطاع غزة بهدف استقبال شحنات المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة ورحبت تل أبيب بالفكرة. إنه مشروع يحمل في طياته مخاطر تعود بالضرر على المواطن الفلسطيني في غزة على وجه التحديد وعلى المجال الفلسطيني عامة كون غزة جزءا من فلسطين المحتلة عام 1967 هذا من ناحية ومن ناحية أخرى على مصر وأمنها القومي. إن الهدف أعظم وأخطر مما يتصوره الإنسان البسيط، إنه مشروع خبيث يهدف إلى التهجير الطوعي بعيدا عن أنظار العرب تحت قسوة الحاجة والجوع والمرض الذي يتعرض له المواطن في غزة إلى جانب فرض السيادة الإسرائيلية الأمريكية على ثروات فلسطين الغنية في المياه الإقليمية لغزة في البحر الأبيض المتوسط وأن اختيار مكان الميناء العائم المقصود به قربه من الحقول الغزاوية الغنية بالغاز الطبيعي. إن اختيار لارنكا قبرص نقطة انطلاق لسير الناقلات البحرية من وإلى غزة يعني تحجيم دور تركيا في جنوب المتوسط، وإلغاء دور الممر البري الذي يربط غزة بمصر، وفي تقدير الكاتب لو كانت النوايا حسنة لدى الإدارة الأمريكية لأجبرت الأطراف (مصر وإسرائيل) بفتح الممرات البرية والتي تكدست أمامها مئات الشاحنات المحملة بالإمدادات اللازمة للمواطن الفلسطيني في غزة. إن بناء هذا الميناء العائم يقتضي قرابة ثلاثة أشهر كما يقول الأمريكان، معنى ذلك أن يموت الآلاف من الأطفال والشيوخ والنساء من الجوع والعطش والأمراض الفتاكة بينما المساعدات الإنسانية مكدسة على الحدود المصرية الفلسطينية (رفح) فلماذا لا تتدخل أمريكا بنفوذها وإجبار الأطراف المعنية على فتح المعابر البرية؟ (4) مرة أخرى أعود إلى النوايا الحسنة، إذا كانت إسرائيل ستقوم بالإشراف الكامل على ميناء التصدير في قبرص ـ لارنكا ـ وتفتيش كل الصادرات إلى غزة، فلماذا لا تفعل على الحدود البرية المتاخمة لغزة بدلا من الانتظار أشهرا حتى يكتمل بناء الرصيف / الميناء العائم؟ الأمر الآخر من سيقوم باستلام تلك المعونات الإنسانية على شاطئ غزة ويكلف بتوزيعها على أهل القطاع؟ تقول بعض المصادر إن إسرائيل ستشرف على الاستلام في قبرص والتسليم على أرض غزة، رأي آخر يقول فلسطينيون لكن من هم الفلسطينيون المعنيون هنا؟ هل سلطة محمود عباس المنتهية صلاحيتها، أم سلطة المقاومة المشتبكة مع العدو الإسرائيلي في حرب ضروس في غزة، وهنا يحدث الشرخ في الجبهة الفلسطينية في غزة للمرة الثانية والمستفيد إسرائيل. آخر القول بعض الحكام العرب مؤيد أو غير مبال بما يحدث في غزة من إبادة وتدمير وسيندمون ويدفعون الثمن غاليا كما صمتوا أو تهاونوا في احتلال العراق عام 2003 وأصبحوا من الخاسرين النادمين على ما فعلوا في ذلك الزمان.