10 سبتمبر 2025

تسجيل

فناتك كهرمان

19 مارس 2023

كنت قد سردت لكم أقصوصة في شهر سبتمبر من العام الماضي وجدتها في كتب التاريخ القديم والمعاصر، تحكي قصة شركة كهرمان العظمى والتي كما ذكرت من قبل أنها شركة خدمية في إحدى الجزر الواقعة في بحر الروم، وكنت قد أوضحت أيضا أن هذه الشركة تتبع نوعا من السياسة العجيبة تسمى بسياسة «يما اشربي ولا العصا» في تعاملها مع المشتركين، وبينت الأقصوصة أن طبيعة عقد الشركة مع المشتركين هو عقد إذعان من الدرجة الممتازة، وكما قلنا سابقا إنه إذا حدث هناك خطأ أو خلل ما، فإن المشترك يعتبر متهما حتى تثبت إدانته أمام الأنظمة والقوانين المالية والقانونية للشركة الكهرمانية. واليوم أسرد لكم «فنتكن» جديدا من «فناتك» شركة كهرمان العظمى ورد في كتاب «غرائب الزمان في فناتك كهرمان» للأديب الألمعي أبونجفة الفولتي، وبسم الله نبدأ. يحكى أن هناك عائلة كانت تسكن في بيت صغير متواضع في منطقة ذات كثافة سكانية فقيرة في وسط الجزيرة، وفي يوم ما وبدون سابق إنذار تفاجأ أهل البيت بطرق على باب بيتهم المستأجر، وإذا بمجموعة من الموظفين الرسميين ومعهم تقني من شركة كهرمان العظمى، فتحدث الموظفون مع أهل البيت وأخبروهم بأن هناك حدثا كبيرا سوف يجري في هذه المنطقة وأن عليهم مغادرتها من أجل سلامتهم، استجاب أهل البيت وتعاونوا مع الموظفين ودخل تقني كهرمان العظمى إلى البيت وقام بقطع الخدمة تماما عن البيت الصغير، واضطر السكان إلى الانتقال إلى مسكن مؤقت حتى انتهاء هذا الحدث ومن ثم الرجوع إلى بيتهم المستأجر والذي يسكنون فيه منذ فترة طويلة من الزمن. بعد مرور 4 أشهر انتهت الأحداث ورجعت العائلة إلى بيتها الصغير بعد أن قامت بمراجعة جميع الجهات وأخذ الموافقات للعودة لمنزلهم الصغير، ومن هذه الجهات كانت شركة كهرمان والتي أرسلت تقنيا لإعادة الخدمة إلى المنزل، وفعلا ما إن رجعت خدمة كهرمان إلى المنزل حتى فرحت العائلة وابتهجت بعودتها أخيرا إلى بيتها الدافئ الصغير، ولكن وكما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فما هي إلا دقائق حتى قطعت خدمة كهرمان عن المنزل، ولكن هذه المرة لم يحضر تقني لقطعها وإنما تم قطعها بشكل آلي وعن بعد. اضطرب أهل البيت وضاقت بهم الأرض بما رحبت وهرع عائل هذه الأسرة إلى خدمة المشتركين في الشركة الكهرمانية العظمى ليستنجد بهم لعل هناك خللا ما يمكن تداركه، ولكن هيهات فقد كان القدر يخبئ لهم معاناة من العيار الثقيل. فقد اكتشف رب العائلة بأن هناك مبلغا ضخما من المال عليه دفعه كفواتير متأخرة لخدمة كهرمان احتسبت تقديريا خلال الأربعة شهور التي كانت الخدمة في الأصل مقطوعة عن كامل المنزل، وعندما حاول رب الأسرة إيضاح الأمر وتقديم الإثباتات لخدمة المشتركين قالوا له بأن هذه المبالغ تقديرية وأنهم بعد استلامهم هذه الإثباتات سوف يراجعون ويبحثون ويدققون في الأمر مع الإدارة المالية للتأكد من صحة ادعاءات المشترك المغلوب على أمره، ومن ثم سيتم إصدار فاتورة جديدة معدلة بالقيمة الصحيحة إن وجدت، وأن عليه الانتظار حتى نزول الفاتورة الجديدة آخر الشهر ليتم التحقق وإرجاع الخدمة للمنزل. حاول رب الأسرة إقناع خدمة المشتركين بأنه لم يقصر يوما في دفع الفواتير المستحقة، وأن ما حدث هو خطأ في النظام المالي والتشغيلي الآلي للشركة لاحتسابه فواتير تقديرية وهمية لخدمة غير موجودة أصلا، كما أنه ليس من المنطقي أن تظل الخدمة مقطوعة والانتظار حتى آخر الشهر لإرجاعها، خصوصا وأنهم مقبلون على شهر فضيل وهم بأمسِّ الحاجة للخدمات التي تقدمها شركة كهرمان خلال هذا الشهر المبارك. في نهاية المطاف اضطر رب الأسرة إلى الرجوع إلى منزله بعد أن أخذ وعودا للتحقق من الأمر ومحاولة إصلاح الخطأ الذي حدث في أقرب وقت ممكن، وظلت الأسرة لأيام وليالٍ تصوم النهار وتقوم الليل بالصلاة والدعاء من أجل أن ترجع الخدمة لبيتهم. وختاما أقول: هناك مثل مصري يقول «يا فرعون مين فرعنك، قال ملقتش حد يلمني».