13 سبتمبر 2025

تسجيل

اليوم العالمي للمرأة

19 مارس 2018

يحتفل العالم يوم الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، من أجل التأكيد على حقوق المرأة وصيانة كرامتها وحفظها من الإجراءات المُحطَّةِ بهذه الكرامة، سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أم فيزيائية أم نفسية. وحسب تقارير الأمم المتحدة ، فإن التحرُّش الجنسي والعنف والتمييز ضد النساء قد تصدرت المشاكل التي تعاني منها المرأة، ولعل مبادرة (أعدّوها) Step it up Initiative  من العناوين الرئيسية للتعجيل بجدول أعمال مؤتمر 2030 لتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان التعليم الجيد والشامل للجميع. أما الأهداف الرئيسية لجدول أعمال 2030، فقد تناول قضية عدالة التعليم للجنسين والقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، والقضاء على الممارسات الضارة، مثل زواج الأطفال، والزواج المبكر، والزواج القسري وتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. ولم تكن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم ( سيداو) Convention on the elimination of all form of discrimination against women، إلا إحدى المحاولات التي رعتها الأمم المتحدة، ولكن الاهتمام بفكرة حقوق المرأة قد برزت عام 1909 بإضراب عاملات صناعة الملابس في نيويورك، تنديداً بظروف العمل الصعبة. وفي عام 1910 قرر الاجتماع الاشتراكي في (كوبنهاجن) بالدنمارك اعتماد يوم المرأة يوماً دولياً هدفه تكريم الحركة الداعية إلى توفير الحقوق الإنسانية للنساء. وخلال عامي 1913-1914 برزت المرأة داعيةً للسلام بعد الحرب العالمية الأولى، تعبيراً عن التضامن مع الناشطين ضد الحرب. وفي عام 1917 خرجت النساء الروسيات في تظاهرات (من أجل الخير والسلام). حتى جاء عام 2014، حيث الاجتماع السنوي للدول (CSW 58) والدورة 58 للجنة وضع المرأة. في تقرير صدر عام 2017 عن (الأسكوا) – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا- بعنوان (وضع المرأة العربية عام 2017)- العنف ضد المرأة، أشار إلى أن المرأة تتعرض للعنف في جميع مناطق العالم، بغض النظر عن لونها، عرقها، دخلها ، سنها، تعليمها. وقال التقرير: "إن واحدة من أصل ثلاث نساء – على مستوى العالم – تعرضت للعنف الفيزيائي والجنسي في مرحلة من مراحل حياتها". وحسب (منظمة الصحة العالمية) ( World Health Organization ) فإن العنف الفيزيائي والجنسي حتى بين الأزواج وصل إلى 30% في حدوده العليا، ووصل في إفريقيا وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا إلى 37%، مقارنة بـ 25% في أوروبا وغرب المحيط الهادي. وحسب التقرير المذكور، فإن المنطقة العربية، والتي يذكر التقرير أن المعلومات شحيحة فيها، شهدَ الأردن حقيقةَ أنه يوجد ثلث المتزوجات (في عمر 15-49) تعرَّضن لعنف فيزيائي (الضرب، الرفس، الصفع). وفي دراسة أجريت في مصر، ذكر التقرير، أن النساء تعرضن للإيذاء الجنسي واللمس غير المرغوب فيه. وفي صنعاء، ذكر التقرير أن 90% من النساء – اللاتي تمت مقابلتهن – ذكرن أنهن تعرَّضن للإيداء الجنسي في العلن. وفي تونس ذكرت دراسة شملت ثلاثة آلاف امرأة (من 18-64) أن حوالي نصف المبحوثات تعرضن للإيذاء النفسي والفيزيائي في الأماكن العامة. كما ذكر التقرير أن حوالي 35% من المتزوجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعرَّضن للعنف الفيزيائي والجنسي من شركائهن. وانتقد التقرير المذكور عدم قيام الدول، خصوصاً في المنطقة العربية، بتعديل قوانينها باتجاه مساواة المرأة، وتمتعها بحقها في مقاضاة الرجل الذي تتعرض للإيذاء علي يده. في حقيقة الأمر، فإن الخوف الاجتماعي، وتردُّد المرأة عن تسجيل حالات الاعتداء عليها من الأسباب التي تزيد في بقاء المشكلة وتفاقمها مع الزمن. نحن ننظر نظرة احترام وتقدير للمرأة، ولا بد من تعميم الدراسات والتقارير الأممية على المراكز والجهات المختصة، ليس فقط لسنِّ القوانين والتشريعات، بل لتنفيذ تلك القوانين – دون انتقاء – من قبل الجهات التنفيذية. كما أن الإعلام يلعب دوراً مؤثراً في قضية التقويم والتعريف بالحقوق الأساسية للمرأة، وأهمية حفظ كرامتها وصيانة حقوقها، إن العديد من الأفلام العربية والمسرحيات أظهرت المرأة بهيئة ضعيفة ومُذلة، فهي تتعرض للضرب، وهي تُهان لفظياً، وهي يخونها زوجها، وهي راقصة، وهي عاملة في الحانات، وغيرها من المشاهد المُحطة بالمرأة.  إن معظم الدساتير في العالم لا تفرق بين الجنسين في الحقوق والواجبات، ولقد جاء في الدستور القطري (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات) الباب الثالث – مادة 34. وجاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء). – المادة الأولى. وهذا تأكيد واضح على أحقية المرأة في نيل حقوقها كاملة وعلى كافة الصُعد. لقد احتفل العالم هذا العام باليوم العالمي للمرأة، في وقت ترزحُ فيه المرأة السورية تحت وطأة التشرد واللجوء القسري خارج بلدها، بعد أن ساءت الحياة في هذا البلد، ويتعرض أطفالها في المخيمات إلى ضياع فرص التعليم ولربما انتشار الجريمة أو الاعتداء الفيزيائي. كما تتعرض المرأة اليمنية إلى ذات الضيم بعد أن خرّبت الحربُ الدائرة في بلادها ما بقي من بنىً تحتية ومدراس ومستشفيات، إضافة لانتشار الأمراض، وصعوبة إيصال الأدوية لمحتاجيها، ناهيك عن التغيرات الديموغرافية التي سببتها السياسية في ذاك البلد.   كما تتعرض المرأة العراقية إلى ذات المشكلة مُذ أن تم احتلال العراق وتقويض الإدارة فيه منذ عام 2003! وكما ذكر التقرير، فإن المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع شحيحة، والدول لا تتجرأ أن تجاهر بحقيقة أوضاع المرأة فيها. وهنالك بلدان عربية أخرى لا تحصل المرأة فيها على حقوقها، كما لا توجد جمعيات تتبني الدفاع عن المرأة حال تعرُّضها للاعتداء أو الحياة القسرية. إن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يجعلنا نُعيد النظر في أمور كثيرة، لعل أهمها، وقف الحروب والقضاء على مسبباتها، ووقف دعوات الكراهية والاستفزاز السياسي، وأجواء المشاحنات التي تقع المرأة ضحية لها، سواء على المستوى الاجتماعي أم الاقتصادي أم النفسي أم الصحي. بل ويُحفّزنا هذا الاحتفال لأن نعيد التوازن في علاقاتنا الأسرية، فكم من "عادة اجتماعية" ظلمت المرأة وحقّرتها وأمعنت في إهانتها.