28 أكتوبر 2025

تسجيل

رفع سعر الفائدة الأمريكية واستقرار السياسة النقدية

19 مارس 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كما كان متوقعاً سارعت البنوك المركزية الخليجية الأسبوع الماضي إلى رفع سعر الفائدة الأساسي لديها بعد ساعات من قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة بمقدار ربع بالمائة، وذلك لتجنب أي اضطراب في الأسواق المالية نظرا لارتباط العملات الخليجية بالدولار، ولأن عدم رفع أسعار الفائدة كان سيدفع المستثمرين لبيع أصولهم في منطقة الخليج وتوظيف عائداتها في الاستثمارات المقومة بالدولار ذات العوائد المرتفعة، مما يولد ضغوط على العملات الخليجية. ارتفاع قيمة العملات الخليجية المرتبطة بالدولار أمام العملات يحسن القيمة الفعلية لمبيعات البترولونحن تطرقنا لهذا الموضوع أكثر من مرة مشيرين إلى مخاطر اتساع فجوة السياسة النقدية الخليجية ونظيرتها الأمريكية. لكن ما دفعنا للعودة لهذا الموضوع مجددا هو تزامن خطوات رفع سعر الفائدة الأمريكية والخليجية مع نشر تقرير لوكالة موديز للتصنيفات الائتمانية يظهر ارتفاع مخاطر العملات الخليجية خاصة عملتي البحرين وعمان بسبب انخفاض الاحتياطي الأجنبي والعجز الكبير في الحساب الجاري. وهذا يولد ضغوطا كبيرة على الدولتين فيما يخص استمرارهما في الدفاع عن ربط عملاتهما بالدولار الأمريكي. وصحيح أن الوضع لا يزال ملائمًا لتحمل المزيد من الضغوط في تلك الدول، لكن يبقى السؤال عن مواصلة هذه السياسة على المدى البعيد وعلاقتها باستقرار السياسة النقدية ككل. إن رفع سعر الفائدة، كما سبق أن أشرنا، له جوانب إيجابية عديدة، منها أنه سوف يسهم في رفع سعر الدولار مما يعني ارتفاع قيمة العملات الخليجية المرتبطة بالدولار أمام العملات التي سوف يرتفع أمامها، وهذا سوف يسهم في تحسن القيمة الفعلية لمبيعات البترول، وكذلك سوف يسهم في انخفاض قيمة فاتورة الواردات مما يعني انخفاض نسبة التضخم المستورد من الخارج. وفي الوقت نفسه سوف ترتفع قيمة الصادرات نتيجة ارتفاع قيمة العملات الخليجية مما سوف يسهم في تخفيض قيمة العجز في الميزان التجاري غير النفطي، مع الأخذ بالاعتبار أن زيادة قيمة العملة لها تأثير معاكس أيضا على الصادرات لكونها تقلل من تنافسية الصادرات. لكن في المقابل فإن إقدام الولايات المتحدة على خطوات مماثلة تدريجية خلال العام الحالي والعام المقبل مع مواصلة تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي سوف يعني تأجيج وضع الدورة الاقتصادية بين الطرفين أي يوسع الهوة بينهما، مما يخلق تناقضات في متطلبات السياسة النقدية. حيث إن دول المجلس يفترض أن تسعى في المدى المنظور لإبقاء سعر الفائدة المصرفية منخفضا لتشجيع الاستثمار والتمويل، وذلك لمحاربة تداعيات انخفاض الإيرادات الحكومية على الأنشطة الاقتصادية، ولكن ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي سوف يحول دون ذلك. ونحن نتفق مع رأي الكثير من الخبراء والاقتصاديون بشأن صعوبة فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار، لكن في المقابل على دول مجلس التعاون أن تفكر في وضع أدوات تضفي المزيد من الاستقرار على السياستين النقدية والمالية في المدى البعيد. ولا شك أن توحيد العملة سوف يسهم في تحقيق هذا الهدف، ولكن لا غنى عن الاستعانة بالسياسة المالية على فرضية عدم مرونة السياسة النقدية. وهنا تبرز مجددا فكرة تأسيس صندوق خليجي للاستقرار المالي، بحيث يقوم هذا الصندوق بتقديم الدعم اللازم للدول الأعضاء الأقل موارد في حالة تعرضها إلى أزمات مالية ناتجة عن انخفاض سعر النفط أو لمواصلة الدفاع عن ربط عملاتها بالدولار. كما يمكن للصندوق توفير السيولة اللازمة لتنفيذ برامج التنمية إلى جانب تقديم الدعم للمؤسسات المالية. كذلك من شأنه دعم التصنيفات الائتمانية لدول المجلس، كونه سوف يمثل، أي الصندوق، آلية تدخل قائمة ومتوفرة للدعم في الأوقات الطارئة والحرجة.