12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في ظل توقع تزايد الاحتياجات التمويلية للدول الخليجية والتي قدرت بنحو 151 مليار دولار خلال العام الماضي 2015 فقط، تشير هذه التوقعات إلى ارتفاع حجم الدين العام لهذه الدول خلال السنوات الخمس المقبلة إلى 59٪ من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع 60% النسبة القصوى المحددة للاتفاقية النقدية الخليجية.وفي حالة البحرين تحديدا ووفقا لميزانية 2016– 2017 يتوقع ارتفاع سقف الدين العام إلى 9 مليار دينار، وبالتالي نحن نتحدث عن ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 75% مع نهاية عام 2017.وهنا تثار تساؤلات كثيرة حول نسبة الـ60% المحددة ضمن معايير الوحدة النقدية الخليجية، ولماذا هذه النسبة بالذات، وهل هي مجرد استعارة من معايير الوحدة النقدية الأوروبية التي أخذت بالنسبة نفسها، أم أن الموضوع له علاقة بالاقتصاد والنمو الاقتصادي؟من وجهة نظر عدد من المدارس الاقتصادية التي بحثت في علاقة الدين العام بالنمو الاقتصادي، فإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي ليست نسبة ذات مدلولات كثيرة، فهي نسبة صماء ولا يمكن لأحد أن يقرر على وجه التأكيد ما هي النسبة المعقولة أو المثلى والتي بعدها سيكون الاقتصاد ليس بخير. فهناك العديد من الدول المتقدمة مثل اليابان التي تتجاوز فيها النسبة الـ200%.وترى هذه المدارس أن مستوى الدين العام الملائم يتحدد بضوء تأثيره سلبا أو إيجابا في نسبة النمو الاقتصادي، فمن ناحية الإنفاق الحكومي هو ضروري لتحريك النمو الاقتصادي، ومن ناحية أخرى كيف يتم مواصلة الإنفاق الحكومي دون قيام الحكومة بالاستدانة؟ لذلك فهناك ما يطلق عليه الاقتصاديون نقطة توازن بين الاثنين، أي الدين العام والنمو الاقتصادي. وهذه النقطة تختلف من بلد إلى آخر.إن اقتصاد أي بلد تحكمه معطيات ومتغيرات خاصة به. وتتركز أكثر الاهتمامات عند النظر إلى مستوى الدين العام على مستوى الأداء وعوامل أخرى ذات علاقة قوية بالمتغيرات الاقتصادية الكلية، فقد يكون المؤشر الأكثر أهمية ليس نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، بل ما يسمى بالقدرة على الدفع، أي قدرة الاقتصاد الوطني في تحمل أعباء خدمة الدين العام، وقد يكون المؤشر هو إدارة الدين بحيث يكون له مردود إنتاجي قوي على هيكلية وبنية الاقتصاد الوطني. لكن عندما يرتفع الدين العام بشكل كبير فهذا سيكون له تأثير سلبي في اقتصاد الدولة، وعند وصول الدين العام إلى مستويات مرتفعة عادةً ما يطالب المستثمرون بمعدل فائدة أعلى. وعند ارتفاع الإنفاق بشكل كبير في الدول سيكون لهذا تأثير سلبي في التصنيف الائتماني لهذه الدول الذي يظهر مدى احتمال الدول على سداد أو التخلف عن تسديد ديونها. وبصورة عامة تذهب معظم النظريات الاقتصادية للقول إن الدين العام المقترض لنمو العجز في الميزانية يجب أن ينفق على مشاريع استثمارية وبنية تحتية في الميزانية، وليس على نفقات جارية لكي يحفز الأنشطة الاقتصادية الأخرى وبالتالي النمو الاقتصادي. أيضا يجب أن يربط هذا الإنفاق ليس بأي مشاريع كانت وإنما بالمشاريع التي تركز على القطاعات أو الأنشطة المستهدف تحريكها ضمن البرنامج الاقتصادي، أي أنه ليس من المعقول أن يتحدث البرنامج عن قيام الحكومة باستنهاض أنشطة وقطاعات معنية في حين الإنفاق يذهب إلى نشاطات أخرى.في جانب ثان، تبرز علاقة الدين العام في الميزانية بالنمو من زاوية هيكل الدين العام نفسه، وهل هو في غالبه دين داخلي أم خارجي. فعادة يفضل الخبراء الدين الداخلي لكونه يخفف من المخاطر السيادية للدولة، كما يوفر قناة لاستثمار السيولة الفائضة في الجهاز المصرفي، كما أن الدين الداخلي هو أقل تكلفة من الدين الخارجي.وفي جانب ثالث، تبرز علاقة الدين العام في الميزانية بالنمو من زاوية حجم العبء الذي تمثله أقساط تسديد الدين على الميزانية. فكلما ارتفع هذا العبء كلما تعطل دور الميزانية في تحريك النمو الاقتصادي كون تسديد أقساط الدين -وخاصة الدين الخارجي- هي بمثابة نفقات سوف تذهب إلى الخارج فقط. وقد نلاحظ بوضوح التمايز الموجود لدى دول الخليج فيما يخص علاقة الدين العام بالنمو الاقتصادي بالمقارنة مع بقية الدول وخاصة المتقدمة، ففي هذه الدول لا تشكل الميزانية العامة للدولة سواء 10– 15% من الناتج المحلي، وبالتالي فإن قدرة الميزانية على تحريك الاقتصاد تكون أقل تأثيرا بالمقارنة مع ما تشكله الميزانيات الحكومية الخليجية بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي الذي قد يصل إلى النصف تقريبا، وبالتالي فهي تلعب دورا رئيسيا في تحريك النمو الاقتصادي. وهنا يكون مستوى الدين أكثر حساسية وعلاقة بالنمو الاقتصادي بالمقارنة مع اقتصاديات الدول المتقدمة.