09 أكتوبر 2025

تسجيل

الحياة البلاستيكية

19 فبراير 2020

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة استعراض الكثيرين لحياتهم الشخصية ويومياتهم، والتي تحوم حول المظاهر والمال والمشتريات. حاولت -على مضض- أن أتابع بعض المشاهير، ومن عادتي ألا أتابع إلا من يعطي فائدة - أو متعة - حقيقية، وللأسف لم أجد سوى استعراض للبذخ، والمقالب، ومواقف مصطنعة، وسطحية وضحالة فكرية لم أجد بها أي متعة، ولم تعد علي بأي فائدة تذكر. لا يوجد إنسان يعيش حياة الكمال، فمهما بلغ ماله وسعادته، فلابد من منغصات، ولحظات ضعف وانكسار وحزن وألم، فهي من سنن الحياة. نعم نحتاج في حياتنا للترفيه والضحك، ولذلك قد نلجأ للقاء بعض الأصدقاء، والتنزه، وقد نشاهد بعض الأفلام الكوميدية المميزة، ولكن كثرته يعتبر مضيعة للوقت وحياة بلا إنجاز. بل "ساعة وساعة" كما قال رسول الله ﷺ. هؤلاء المهرجون - إن صح التعبير- ينقلون صورة غير حقيقية عن الواقع، ويضربون مثالاً غير واقعي للصغار. وهذه الصورة غير الحقيقية عن حياتهم أشبهها بعمليات التجميل التي تحول الشخص لشخص -أو شيء- آخر. والتي تسمى باللغة الإنجليزية جراحة بلاستيكية Plastic Surgery، وكلمة بلاستيك جاءت من الكلمة اليونانية بلاستيكوس، والتي تعني القابلية للتشكيل والتجسيد. وما يميز البلاستيك هو سعره الرخيص - كالقيم التي يحملها هؤلاء-. ولكن البلاستيك لا يصمد أمام عوامل الحرارة والضغط، وسهل الكسر، ومن الصعب اصلاحه وارجاعه كما كان، كما أنه لا يتحلل ولا يستطيع الاندماج والذوبان في المحيط من حوله. نُشرت عدة دراسات تثبت ترابط إظهار حياة الكمال والسعادة من جهة، والاكتئاب والتوتر من جهة أخرى، الذي يؤدي لاعتزال الحياة العامة، وربما الانتحار. وهذا لا ينحصر فقط على صانع المحتوى "البلاستيكي"، بل يمتد إلى المتلقي الذي سيشعر بعدم الرضا عن حياته العادية وستجعله يلهث خلف حياة من وحي الخيال. Twitter: khalid606