02 نوفمبر 2025
تسجيلكشف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في خطابه الذي ألقاه الجمعة الماضية في مؤتمر ميونخ للأمن مدى أهمية إيجاد أمن إقليمي أوسع في الشرق الأوسط مبني على ضوابط أمن أساسية وقواعد حوكمة ولو كان على أدنى مستوى أمني من شأنه على الأقل أن يوفر الأمن والسلام والازدهار لشعوب المنطقة والعالم أجمع، وأشار سموه إلى أن التحول من النزاعات إلى التعاون يتطلب من الجميع أن يكون مسئولاً عن تنفيذ عدة ركائز من أهمها السماح بتدفق المعونات الإنسانية ومرورها عبر الحدود والسماح بمرور الأسر بحرية وأمان ومنع تدنيس المواقع التاريخية والدينية واحترام الطرق التجارية المشتركة. وتطرّق سموه إلى ما تتعرض له بلاده من حصار جائر وأزمة مفتعلة شبهها بعديمة الجدوى لاسيما وأن لاعبيها إقليميون رئيسيون كان يُعتقد في وقت ما بأنهم عوامل استقرار على الساحة العالمية، إلا أن الأمر لم يعد كذلك بسبب سياساتهم المغامرة التي أدت إلى تقويض الأمن الإقليمي والأفق الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي ككيان. وضرب سموه مثالاً على هذه المغامرة والسياسة غير الرشيدة وعدم الامتثال للقانون الدولي عندما رأينا دولاً ذات موارد محدودة تتعرض لابتزاز يُملي عليها مقايضة سياساتها الخارجية بالعون الخارجي، وأيضاً عندما شهدنا سوء استخدام الثروة أو السلطة أو القيود الجغرافية لإرضاء التعطش للقوة. وأبدى سموه في هذا الخطاب الشامل مدى فخره بما تم تحقيقه من إنجازات منذ أول يوم للحصار في الخامس من يونيو من العام الماضي حيث استطاعت قطر تأمين طرق تجارة جديدة وعجّلت بالتنوع الاقتصادي وعززت وحدتها وظهرت أكثر قوة ولله الحمد والمنة، وأظهر هذا الحصار الفاشل كيف يمكن للدول الصغيرة أن تستخدم الدبلوماسية والتخطيط الاقتصادي الاستراتيجي لمواجهة عواصف العدوان من جيران كبار وطامعين. وفي اعتقادي أن خطاب سموه شخّص الحالة التي بالفعل تعانيها منطقة الشرق الأوسط من خلال ما تعانيه من حروب وفقر وجهل وتحكم للأنظمة القمعية في إرادات شعوبها، وأبلغ ما قاله سموه في هذه الشأن قوله " إن الفشل النمطي للدول في منطقتنا في تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها يمهد الطريق أمام الإرهاب، وفي أغلب الأحيان، فإن نفس الدول التي تتجاهل هذه الاحتياجات تعرقل أيضاً كافة السبل الممكنة للإصلاح السلمي. وقد تم تهميش قطاعات ضخمة من السكان في العديد من البلدان العربية، مما أتاح الفرصة للأنظمة القمعية لاستخدام الطائفية كأداة للسيطرة على المجتمعات المتعددة الديانات " انتهى كلام سموه وبالفعل لو رأينا الدول التي رفضت الثورات وجابهتها بالحديد والنار وأوجدت ما يسمى بالثورات المضادة لوجدنا أحوال شعوبها يُرثى لها، لأنها لا تريد لصوت الحق والعدل أن يعلو لأن من شأنه أن يقضي على الفساد وأهله وساندتها بلا شك الأنظمة التي ترى بأن نجاح ثورات الشعوب هو خطرٌ يهدد وجودها، وهي بالمناسبة نفسها التي تُدير الأزمة مع قطر ظنًا منها بأنها ستكون في معزل عن هذه الثورات طالما أنها تعمل على كتم صوت الحق. فاصلة أخيرة في كل خطاب يُلقيه سمو الأمير في المحافل والمنابر الدولية تجد حال دول الحصار أشبه بحال الشيطان يوم رمي الجمرات في الحج، وحالهم كحال من ذكرهم الله في كتابه الكريم " إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ".