17 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ دخول فصل الشتاء لهذا العام حتى هذه الايام التي تسير بنا الى اواخر بروج الشتاء وطوالعه، ونحن ما زلنا نترقب قدوم المطر وقد طال انتظارنا لتلك الاجواء الجميلة المحببة للنفس والوجدان، فقد غابت عنا عناصر اللوحة السماوية البديعة، حين تتراكم السحب وتلمع اضواء البرق وتجلجل الرعود وينهمر المطر. وكم نحمل من ذكريات الحنين الى مرابع الطفولة والصبا، حيث كان المطر انشودة عذبة وجمالا يأسر الألباب وهدية ربانية ليس لها نظير. المطر والغيث يعني الماء، والماء اساس الحياة وشريانها النابض ولولاه ما صلحت الأرض للحياة. هذه الايام ينتظر الناس اقامة صلاة الاستسقاء ويتناقلون اخبارا مجهولة المصدر حول اعلان ولاة الامر بادائها، خاصة ان الحال تستدعي اقامتها، وقد اجدبت الارض، وتلاشت مناظر الربيع. لقد تناسينا اننا سبب في تأخر نزول الغيث وانقطاعه عنا، واننا ايضا سبب في انزال الغيث وتقاطر زخات المطر قولا وفعلا. وهنا استميح القارئ الكريم عذرا فليتمهل قبل حكمه على ما اقوله: باننا قادرون على انزال الغيث او منعه في اي وقت نشاء، بعد ارادة الله وامره، واننا مسؤولون عن انهمار المطر في اي وقت وليس في موسم معين نستبشر معه بقدوم المطر او نشعر بخيبة أمل حين يتأخر او ينقطع. فهل سأل كل منا نفسه: هل حقا كنت سببا في تأخر الغيث السماوي؟. وهل حقا استطيع استجلاب هذا الغيث المبارك دون التفكير في موسم معين؟. أنا وانت ونحن وهم، نستهين بافعال واقوال على مدار الساعة، رغم انها من اسباب سخط الله ومنع الغيث من لدنه سبحانه، ولم يكن الناس في عهد النبي الكريم وصحابته الاطهار عليهم رضوان الله وسلامه، يصلون الاستسقاء قبل التقرب الى الله بصالح الاعمال من الصدقة والصيام والتوبة الصادقة والاحسان الى الفقراء والمساكين، واداء الحقوق المشروعة. وكثرة الاستغفار. وكم بيننا من الاثرياء الموسرين الذين يستطيعون أن يعولوا مئات الاسر الفقيرة اذا اخرجوا زكاة اموالهم لعام واحد فقط، فكيف اذا التزموا بادائها وفق شروطها ونصابها؟ فالزكاة فريضة وركن في بناء الدين العظيم ؛ واداؤها واجب وليس ترفا او اختيارا نلجأ اليه او نتركه متى نشاء. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا ). وبصرف النظر عن تحليلات خبراء الأرصاد الجوية، فان علينا الايمان التام بان الله قادر على ارسال السحب وانزال الغيث في اي وقت وفي اي مكان يشاء ؛ فهو مالك الملك وهو على كل شيء قدير. وعلينا ان نتذكر دوما ان اهم اسباب استجلاب رحمة الله ومنها الغيث المبارك تقوى الله وامتثال اوامره واجتناب نواهيه والمسارعة الى التوبة من جميع الذنوب، ولزوم الاستغفار واداء الزكاة والاحسان الى الفقراء والمساكين، فان الله تعالى عدل حكيم ينزل الاشياء والمقادير منازلها التي تليق بها. ويبتلي عباده بالسراء والضراء. قال عز وجل (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )، وقال تعالى (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ). وأمر سبحانه عباده بالاستغفار كما اوصى نبيه بذلك: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ). اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة من عندك يا ارحم الراحمين، اللهم اغثنا غيثا هنيئا مريئا وفيرا مباركا، يا خير من سئل ويا أكرم من أجاب.