13 سبتمبر 2025

تسجيل

روسيا وإيران.. المتوعد الخائف!

19 فبراير 2016

تصعد روسيا في تصريحات مسؤوليها وكأنها في وضع المصمم على تثبيت احتلالها في سوريا حتى لو ذهبت الأوضاع إلى حرب شاملة أو حتى عالمية.وتتوعد إيران – وقادة ميلشياتها القادمة من العراق ولبنان- وكأنها سيدة الكون وأنها تملك وحدها أوراق ومفاتيح الوضع الإقليمي. يحاول الطرفان الظهور بمظهر الفاعل القادر، الذي لا يأبه بأحد، فيما كلاهما في وضعية المهاجم المتسرع والمتوعد الخائف، وفيما كليهما في وضعية الساعي لاقتناص نصر مستعجل، حتى لا يضطر للتراجع تحت ضغط رد الفعل الآن بحجم من قوة إستراتيجية قادرة على إعادة ترتيب التوازنات التي أربكها التدخل الروسي وكثافة الوجود الإيراني في سوريا. الأمر هنا لا يتعلق بحسابات الحرب العسكرية "الصرفة"، بل بالحسابات الشاملة لإدارة الصراع وحسابات المصالح الإقليمية واحتمالات وقوع روسيا وإيران في فخ عميق من الاستنزاف الخطر للغاية على كلا الدولتين.فروسيا التي أتت بقواتها لسوريا، منتقلة من التوسع في الجوار القريب (جورجيا وأوكرانيا) إلى الجوار البعيد (سوريا مضاف إليها العراق) لا شك باتت تدرك أن ما أحضرته من عوامل القوة أو ما نقلته من قوتها إلى هذه المنطقة، بات يهدد يجرها إلى حرب واسعة مزمنة في مستنقع يجري ضخ المياه فيه بهدوء وبطيء، يحول الوجود الروسي إلى جحيم لا يطاق. وإذ قرأت روسيا ما يجري وأدركت أنها ستصل حتما إلى لحظة خيار استراتيجي يهدد وضعها ومكانتها دوليا، فقد صارت تهدد بخيارات جنونية، لاستعجال الحل، قبل أن تصل إلى وضعية المأزق. روسيا تمارس حربا نفسية بالتهديد بأعلى أشكال التصعيد –كما فعل ميدفيدف الذي تحدث عن حرب عالمية- لقطع الطريق على فعاليات جارية تستهدف إيصال روسيا إلى نقطة الخيار الاستراتيجي، الذي لا تستطيع الذهاب إليه.وإيران، تهدد وتتوعد وكأنها ذاهبة للحرب غدا، وهي تحاول التأكيد والتصميم على رسم خط أحمر لمصالحها أو لوجودها في سوريا والإقليم، حتى لا يجري تكرار ما واجهته خطتها الإستراتيجية في اليمن. لكن التهديد والوعيد الإيراني لا يعدو أن يكون تعبيرا عن إدراك بأن أي اندحار جديد لوجودها ودورها في دولة عربية أخرى، سيحول الحركة المضادة والمواجهة لإستراتيجيتها إلى درجة الإعصار في بقية البلدان.هذا التهديد والوعيد الإيراني، يبدو مظهرا للخوف والتحسب والاضطراب الاستراتيجي بسبب تلك الخطوات الكبرى التي تحققها المملكة العربية السعودية – ودول الخليج- في حشد العالم الإسلامي لعزل إيران ومواجهتها، وبسبب تعمق التصريحات التركية باتجاه مواجهة دور إيران في المنطقة، وهو عنوان للخوف من تحول سوريا إلى وضعية استنزاف لا تستطيع إيران التعايش معها.البلدان، روسيا وإيران، تعيشان هاجس الخوف من الاستنزاف، وكلاهما يصعد من حربه النفسية على الخصوم والرأي العام، في محاولة لإيهام الجميع بقرب حسم الأوضاع في سوريا، غير أنهما تدركان أن نظام الأسد، قد انتهت معالم قدرته فعليا، وأن القوى التي تقاتل لمصلحتهما هي قوى من خارج سوريا يتحكم في وجودها عوامل غير سورية وأن القوى السورية المتعاونة مع مخططاتهما –كالأكراد – هي قوى تحمل مشروعات أخرى وقد تغير مواقفها في أي لحظة، وأن صمود الثوار وقدرتهم على تغيير إستراتيجيتهم القتالية سيحقق خسارة الدولتين للمعركة والذهاب بهما إلى مرحلة انكفاء استراتيجي خطير يؤثر على أوضاعهما الإقليمية والدولية مستقبلا.