02 نوفمبر 2025
تسجيلمصادر الطاقة والمياه والغذاء.. قضايا ملحة أمام الأمم المتحدة، فهي تسعى جاهدة لإيجاد حلول تستجيب للمتغيرات، التي يشهدها عالمنا اليوم من اضطرابات وعدم استقرار الشرق الأوسط، ومخاوف من انهيار مالي، وتذبذب أسعار النفط والغذاء.فقد توقع تقرير الأمم المتحدة مؤخراً نمو الطلب على مصادر الطاقة والمياه والغذاء حول العالم بمعدل "40%ـ50%" بحلول 2030، نظراً لزيادة أعداد السكان، ونمو احتياجاتهم، بما سيسهم بدوره في الضغط الكبير على هذه المصادر الحيوية، حيث يتم استخدام الطاقة لمعالجة ونقل المياه، كما يحتاج توليد الطاقة للمياه أيضاً، وكلاهما ضروريان للزراعة وإنتاج الغذاء.من هذا المنطلق فإنّ الزيادة السكانية تزيد الضغط على موارد الطاقة والغذاء والمياه، التي بدورها تزيد الضغط على الحكومات والمؤسسات، لإيجاد البدائل خصوصاً في ظل الطفرة العمرانية والاقتصادية والتوسع الجغرافي.وقد وردت تلك التوقعات في سلسلة بحثية عقدت مؤخراً بالأمم المتحدة حول تنمية مصادر الطاقة، حيث تصدرت مخاوف عالمية من انهيار مالي وشيك اهتمامات الدول، وهي انتهاء مدة التجميد لسقف الدين الأمريكي، وعدم وضوح رؤيته، ورغبة الاقتصاديين رفعه إلى حوالي "17" تريليونا و "300" مليار دولار، لتمكين أمريكا من سداد ديونها والإيفاء بالتزاماتها.من هنا يتبين أنّ العالم يعكف بمؤسساته وخبرائه على معالجة قضايا مالية، التي ستؤثر بدورها على تمويلات الطاقة والمياه والإنتاج الغذائي، وكلنا يعلم أنّ دورة الحياة الاقتصادية ترتبط ببعضها من خلال مشاريع تنموية تمدها بالطاقة والغذاء والإنتاج والمياه وغيرها.وأن محيطنا العالمي لا يعيش بمعزل عن قضاياه، فالكثير من الدول تسعى اليوم جاهدة لبحث حلول البيئة والطاقة المستدامة والمياه ونقص الموارد الغذائية، وتعتبر الموارد المالية وفرص التمويل الممكنة، هي أمر في غاية الصعوبة، وبالغ التعقيد بالنسبة لكثير من الدول التي تعاني ركودا أو ديوناً متفاقمة. أفاد تقرير أوروبي بأنّ الطلب على المياه سيزداد في الصين والولايات المتحدة والهند، بسبب النمو السكاني، وزيادة مساحات الريّ والنمو الاقتصادي، وفي دراسة أخرى مشتركة بين المنظمة العربية والأوروبية للبيئة، فإنّ العالم على مشارف أزمة مياه حادة بحلول 2025، ما لم يتم وضع معايير إدارة جيدة، مثل إقامة مشاريع إدارة المياه المهدرة وإعادة تدويرها.وفي تقرير منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" يبين أنّ إهدار الغذاء يكلف "750" مليار دولار سنوياً تفقد أو تبدد سنويا ً، وتمثل أكثر من "4" أضعاف الكميات المطلوبة لإطعام "870" مليون شخص في العالم، وبلغت الفجوة الغذائية في 2010 في المنطقة العربية حوالي "34" مليار دولار في الشرق الأوسط و"14" مليار دولار في إفريقيا.إزاء القضايا الملحة التي وضعتها منظمات دولية في قضايا المياه والغذاء والطاقة المستدامة، فقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي مبكراً هذه الإشكاليات الملحة، واتخذت التدابير الميدانية من آليات لحلها قبل تفاقمها، مثل الدراسات والأبحاث الميدانية والمسحية التي تدرس مدى حاجة النمو السكاني لديها إلى الغذاء والمياه، ومدى أداء الطاقة وقدرتها على الاستجابة للنمو والتوسع.وركزت دول التعاون على رصد التحديات التي تواجه قطاع المياه والغذاء والطاقة، باعتبارها مجالات مهمة للتنمية ولاستمرارية النمو البشري، ووضعت أولويات للاستثمارات في تلك القطاعات، التي بدورها ستعزز من نمو مشاريع البنية التحتية، وتصدرت موضوعات الأمن المائي والأمن الغذائي والاكتفاء المجتمعي من مصادر الغذاء وأمن الطاقة الكثير من الاجتماعات والبرامج في دول التعاون بهدف سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ومواءمته مع الزيادة السكانية والتوسع العمراني.بداية ً، اهتمت دول التعاون بصياغة إستراتيجية للأمن الغذائي، اعتمدت على توفير مخازن للحبوب، والتوسع في الرقعة الزراعية، وتوفير موانئ بالقرب من مراكز الغذاء.وعملت دول المنطقة على إيجاد مزارع وحقول لها في الخارج بهدف تحسين الإنتاج الغذائي والبحث عن بدائل اقتصادية تساند مصادر الدخل وأسست لذلك شركات وهيئات غذائية وسمكية وحيوانية تعنى بهذا القطاع.كما تستثمر دول التعاون أيضاً في قطاعات المياه قرابة "100" مليار دولار في السنوات "2011ـ2016" بهدف تحسين وتعزيز تقنيات التحلية العاملة من الطاقة الشمسية والتركيز على معالجة المياه المهدرة وإعادة تدويرها، وهي ماضية كذلك في مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج، الذي سوف يستجيب للمرحلة المقبلة من الطفرة الاقتصادية، وفي ظل التوسع في البنية التحتية.فالدول الخليجية بدأت مبادراتها في إرساء آليات الأمن الغذائي والأمن المائي والطاقة في السنوات العشر الأخيرة، وهذا سيجعلها قادرة على مواجهة التذبذب والمخاوف الحالية من نقص هذه المصادر الحيوية، التي باتت مشكلة تؤرق الدول.