14 سبتمبر 2025
تسجيلنواصل حديثنا عن الرياضة في الإسلام، ونتحدث في هذا المقال عن الضوابط والآداب الشرعية للرياضة البدنية، فنقول: لقد اهتم الإسلام بجميع جوانب الإنسان بروحه وبجسده وبعقله، وشجعه على ممارسة الرياضة الذهنية والبدنية المضبوطة بالضوابط الشرعية، والآداب السلوكية الحميدة، تحصيلاً وتحصيناً للقوة وحفاظاً على الصحة والعافية. ولكن الرياضة البدنية ليست هدفاً أو غاية في ذاتها، بل هي وسيلة من وسائل القوة لحماية الدين ونصرة المسلمين وإنقاذ المستضعفين.. وإذا تحولت الرياضة البدنية إلى هدف في حد ذاته، أو شغلت عما ينفع المسلم في دينه أو دنياه وأخراه، فقد تحولت عن المراد منها شرعاً، وانحرفت عن القصد منها عقلياً وعرفياً وينبغي للمسلم ألا يُضِيِّع فيها وقته أو جهده حينئذ. التربية الرياضية لا تثمر ثمرتها المرجوة إلا إذا صحبتها الرياضة الروحية الأخلاقية، ولذلك ضوابط وآداب، يجب أن يحافظ على آدابها، ويُلتزم بضوابطها، والتى من أهمها: 1 — عدم التعصب الممقوت فإذا حدث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشرية، وجب أن يكون فى أدب وذوق، فالقدر قد يخبئ للإنسان ما لا يسره، وقد تكون الجولات المستقبلة فى غير صالح الفائز الآن. وفي الحديث عن جبير بن مطعم — رضي الله عنه — أن رسولَ الله — صلى الله عليه وسلم — قال: «ليس مِنَّا مَنْ دعا إلى عصبيَّة، وليس منا من قاتل عصبيَّة، وليس منا من مات على عصبيَّة» 2 — ويجب ألا تكون هناك شماتة بالفريق المنهزم، ففى الأثر: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ» قال عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود — رضي الله عنه —، قَالَ: «لَوْ سَخِرْتُ كَلْباً، خَشِيتُ أَنْ أَحُورَ — أرجع — كَلْباً». وقَالَ إِبْرَاهِيم: إِنِّي لأرى الشَّيْء، فأكره أَن أعيبه مَخَافَة أَن أبتلى بِهِ، إِن عَبْد اللَّهِ، كَانَ يَقُول: إِن الْبلَاء مُوكل بالْقَوْل. وقَالَ سعيد بْن الْمسيب: إِن أربى الرِّبَا استطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه الْمُسلم. 3 — وإنما يجب أن يحب كل فريق وجمهوره للآخر ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وفي الصحيح عَن أنس — رضي الله عنه — عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ" كَذَا عِنْد البُخَارِيّ. وَقَالَ مُسلم فِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة: حَتَّى يحب لِأَخِيهِ — أَو قَالَ — لجاره مَا يحب لنَفسِهِ "25 وقد رأيتم أن الأعرابى سبق بقعوده ناقة النبى صلوات الله وسلامه عليه التي كانت لا تُسبق، وشق على المسلمين ذلك تمثلت الروح الرياضية الصحيحة — كما يعبر المتحدثون — عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه، وذلك ليهدئ من ثائرة المتحمسين له. وقال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك. 4 — من الأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة، رعاية حسن العهد فحسن العهد من الإيمان، كما في الصحيح 26 وعدم نسيان الشرف والذوق؟ وعدم الفجور فى المخاصمة فتلك من خصال المنافقين، ففي الحديث الصحيح "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". 5 — عدم الاستغراق في ممارسة الرياضة إلى حد نسيان وإهمال الواجبات الدينية والوطنية أو الواجبات الوظيفية والأسرية الأخرى وغيرها، ولا يرضى الإسلام أبدا أن نصرف لها اهتماماً كبيراً يستغرق — جهداً ومالاً ووقتاً — يغطى على ما هو أهم منها بكثير. مما تتقدم به الأمة وتنهض، فلا بد من مراعاة سُلَّم الأولويات، وفرض الوقت، ووقت الفرض. "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" "وَلَا يزَال قومٌ يتأخرون حَتَّى يؤخرهم الله". 6 — عدم ممارسة الرياضة أو إقامة المباريات بشكل يؤذي الغير — زماناً أو مكاناً —، كما يمارس البعض لعب الكرة فى الأماكن الخاصة بالمرور أو حاجات الناس، وفي أوقات ينبغى أن توفر فيها الراحة للمحتاجين إليها. من الدارسين، والمرضي، والنائمين . 7 — عدم التحزب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبة، وباعد بين الأخوة، وجعل فى الأمة أحزاباً وشيعاً، والإسلام يدعو إلى الاتحاد ويمقت النزاع والخلاف، وغير بعيد ما وقع مؤخراً بين شقيقتين (مصر والجزائر) في وطننا العربي الإسلامي بسبب لعبة رياضة كرة القدم. 8 — لا يرضى الإسلام لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تليق به ولا تتناسب مع غيره فى تكوينه وفي مهمته ورسالته في الحياة ذلك أن الإسلام حين يبيح شيئاً ويجيزه يجعل له حدوداً تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتسق مع الحكمة العامة للتشريع، وفي إطار هذه الحدود يجب أن تمارس الرياضة، وإلا كان ضررها أكبر من نفعها، وذلك مناط تحريمها، كما هي القاعدة العامة للتشريع. ويشير إلى ذلك كله قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، فالآية بعموم لفظها تحرم الاعتداء في كل تصرف، سواء أكان ذلك مطعوماً أم ملبوساً أم شيئاً آخر وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوز الحد المعقول الذي شرعه الدين. بالإلتزام بمثل هذه الضوابط والآداب لا تتكرر مجزرة بورسعيد الشهيرة، ولا مأساة مباراة مصر والجزائر. هذا وللحديث صلة بحول الله وقوته