20 سبتمبر 2025
تسجيلبما أننا في موسم ثقافي بمناسبة معرض الكتاب وعيده الخمسين، ووزارة الثقافة في عصرها الجديد ووزيرها الشاب الأديب الطموح، أود أن أشير إلى موضوع هام وحساس لم ينل الاهتمام اللازم لإحداث الفرق اللازم لتطور ثقافة المجتمع وهو الفرق بين الذات الثقافية والقالب الثقافي. عبر تاريخ مؤسساتنا الثقافية كنا ننتج قوالب ثقافية وليس ذوات ثقافية، القالب الثقافي، فرداً كان أم موضوعاً، امتداد للوضع القائم، محايد، لا يتخذ موقفاً، يراكم الشهادات، لا تهمه الذات بقدر ما تهمه المصلحة، يصلح لكل منصب وكل وظيفة، لا يمثل قيمة إضافية، هذا هو جل إنتاج ثقافتنا ووزارات الثقافة لدينا، وتمثل نتائج انتخابات مجلس الشورى الأخيرة، مثالاً واضحاً لسيطرة القالب الثقافي عَلى الذات الثقافية، حيث سهولة الانتقال وتبادل الأدوار دونما وجود ذات فاعلة وإنما رغبة في قوالب ثقافية جاهزة، أما الذات الثقافية فشيء مختلف تماماً ولا تجدها إلا نادراً وكثيراً ما يبتعد أو يُستبعد، لأنه ذات وليس قالباً، الذات تعني حرية، تعني موقفاً ورأياً، تعني صدقاً مع النفس ومع المجتمع ومع الله، النتيجة ازدياد مساحة النفاق في المجتمع مقارنةً بوقت الآباء الذين كانوا ذواتاً بمرتبة الشرف، القوالب جاهزة وتلتف حول القادم الجديد ولديها أساليب وادعة وخاضعة وقدرة تمجيدية وتحذيرية فائقة يستلذ بها المسؤول الذي يبحث عن وجوده من خلال المنصب ويمضي الوقت ولا نخلق ذواتاً ثقافية فاعلة، تعمل عَلى تطوير فكر المجتمع، لقد وضع أعظم شعراء وفلاسفة إيطاليا دانتي اليغييري، المنافقين والمداحين "القوالب الثقافية بأشكالها" في الطابق ما قبل الأخير من جهنم في رائعته الخالدة "الكوميديا الإلهية" وقبل وبعد ذلك جميع الأديان عامة بلا استثناء كلها أكدت وتؤكد عَلى أهمية الذات وتنبذ القالب الثقافي الجامد الذي يضحي بالذات في سبيل الحرص عَلى "حياة"، مسؤولية وزارة الثقافة ووزيرها الشاب الطموح كبيرة أرجو للجميع التوفيق. [email protected]