13 سبتمبر 2025
تسجيلحينما وقعت حادثة تصفية قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في فجر يوم الجمعة 3 يناير 2020 من قبل غارة أميركية استهدفت موكبه الذي كان قد خرج للتو من مطار بغداد الدولي قلنا فعلا بأنه يمكن أن يتفجر الوضع بعدها وبتنا في (حيص) التوقعات السيئة و(بيص) أن تتفجر حربا عالمية ثالثة يمكن أن تقتلع الأخضر واليابس في منطقة الخليج وتكون العراق ساحة لتصفية الحسابات وتنضم باقي دول الخليج لتكون محل النزاعات، ودار في خلدنا الكثير من الأفكار السيئة التي كان معظمها يدور حول الرد الإيراني على هذه الحادثة الفظيعة التي جعلت قوة إيران العسكرية تفقد في يوم وليلة أحد أهم ركائزها وهو قاسم سليماني الذي وصفه ترامب بأنه أخطر إرهابي بعد أسامة بن لادن ويعد رقم واحد في قائمة المطلوبين أمريكيا. وفي الواقع انتظرنا أن تتحرك دول خليجية معنية بهذه الأحداث الخطيرة التي تهاوت بصورة سريعة في توقع ماذا ستكون نهاية الغضب الإيراني والوعيد الأمريكي الذي تبادل قصفه بين واشنطن وطهران عقب اغتيال سليماني، لكننا فوجئنا بأنه لم يتحرك أحد واكتفت خارجيات دول الخليج بالدعوة للتهدئة وتخفيف التوتر واللجوء إلى الحوار وعدم جر المنطقة إلى ما لا يحمد عقباها، واعتبرنا أن ذلك لا تعد بردة الفعل القوية تجاه منطقة على وشك الانفجار، وأمام قنبلة موقوتة تدل دقاتها المنتحرة على أن لا وقت لديها لتحافظ على هدوئها قبل الانفجار، ولذا وكعادتها في مثل هذه الأحداث التي تتفجر في أي حدث ومكان يمس أي دولة عربية وأخرى كان لقطر الدور الأبرز في الإمساك بزمام المبادرة فتحركت الدبلوماسية القطرية لاحتواء الأزمة وجاءت الاتصالات والزيارات للجانب الإيراني الذي يرتبط مع دولة قطر بحسن الجوار والعلاقات الطيبة في سبيل التحكم بفتيل الأزمة من أن ينفرط إلى ما يمكن أن يفجر حربا لا سمح الله لن تتأثر منها العراق وحدها باعتبارها أرض الجريمة الأمريكية كما وصفتها طهران أو أن تتقصد واشنطن الإضرار بإيران وحدها باعتبارها العدوة الرئيسية لها والتي بدورها ستوجه جُلّ ضرباتها العسكرية المدمرة إلى الأهداف الأمريكية المنتشرة في كل بلد خليجي من قواعد عسكرية وتواجد أمريكي، ولكن الوضع كان سيدمر منطقة بأكملها ولن تكون أي دولة خليجية بمنأى عن هذه الحرب فيما لو استقامت بين البلدين ولذا وجهت إيران تحذيرا للولايات المتحدة الأمريكية بأن الحل الوحيد لتتجنب واشنطن استهداف قواتها لأي مواطن وجندي أمريكي أن يغادر هذا الأمريكي إلى وطنه في قارة أمريكا الشمالية النائية عن قارة آسيا محل الوجود الإيراني والغضب الإيراني وأداة القتل الإيرانية، وعليه كان لقطر ذلك الدور الذي فسره كثيرون للأسف من الذين يجهلون دراسة الواقع والأرض السياسية كيف تدار في الأزمات أن الدور القطري ما كان إلا مشاركة لطهران حزنها في مقتل سليماني بينما الحقيقة التي يفهمها بلا شك قيادات وحكومات ودبلوماسيي ومن يقرأ السياسة بصورة تختلف عن الطريقة التي يقرأ بها ( ذبابهم الإلكتروني ) أن قطر سارعت منذ الدقيقة الأولى لتفجر الوضع السياسي بالمنطقة إلى التمسك بتلابيب التهدئة التي ما كان لأي دولة خليجية أن تسارع وتمسك بآخر خيوطها المنفلتة بصورة سريعة من خلال زيارة وزير الخارجية القطري إلى إيران نظرا لأن الدوحة وبذكائها المعتاد حافظت على الإمساك بعصا علاقاتها مع كل من إيران والولايات المتحدة من المنتصف فلم تفقد صداقة إيران كدولة شقيقة إسلامية مجاورة ولا احترام أمريكا كدولة لها تحالفاتها العميقة والتاريخية مع قطر، ولذا كان لهذا الدور أن يكون محل تقدير من واشنطن ومن طهران كذلك واعتبرت إيران فيما بعد زيارة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أنه موضع تقدير عميق يهدف إلى كل ما تسعى له الدوحة منذ البداية واعتبار أن لغة الحوار هي اللغة الوحيدة للتفاهم بينما طار بعدها الشيخ محمد بن عبدالرحمن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى بغداد للتباحث في ذات الأمر وهو التحقق من سبيل التهدئة وكلها مبادرات قادتها قطر لأجل الخليج والمنطقة عموما وهذا أمر يحسب إليها ولا عزاء للذباب !. [email protected]