10 سبتمبر 2025

تسجيل

الفساد والشفافية

19 يناير 2013

الفساد وانعدام الشفافية من المشكلات الرئيسية التي تعاني منها العديد من دول الشرق الأوسط، ويعتبر من القضايا الرئيسية التي حركت القلاقل والاضطرابات السياسية في المنطقة، ووجد أن عمليات الرشوة والفساد بأنها تشكل نسبة 43% من الجرائم الاقتصادية في الشرق الأوسط، ويعد هذا ضعف المعدل العالمي تقريباً الذي يبلغ 24%حسب مؤشر مدركات للعام 2011.وغالباً ما كانت تتصف الدول المتأثرة بالربيع العربي بانتشار أشكال متنوعة من الفساد من بينها المحسوبية وإعطاء الأولوية للأقارب دون وضع اعتبار لأي معايير، فغالباً ما كانت تمنح الأنظمة امتيازات لقلة من العائلات والأصدقاء والموالين مما يجعل توزيع الثروات يقتصر على حفنة من الناس مما يخلق استياء لدى الشريحة الواسعة من السكان المحرومين حتى من سبل الراحة الأساسية، ولا يتوقف انتشار ثقافة الواسطة والمحسوبية على تقديم الوظائف بل يمتد إلى فتح شركات تجارية خاصة.ورغم ثراء دول مجلس التعاون الخليجي إلا أن الفساد وانعدام الشفافية وانتشار ثقافة الواسطة أو استغلال الشخص لنفوذه وعلاقاته لإنجاز عمل ما، تعتبر من الظواهر، وكان المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي قد قرر في أعمال دورته الثالثة والثلاثين في المنامة أن تقوم الهيئة الاستشارية في دورتها السادسة عشرة ببحث آليات مكافحة الفساد ومعوقات التنمية في دول المجلس وعلاقتها بمنظومة القيم.ووفقا لمؤشر مدركات الفساد 2012 الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية، فإن قطر حصلت على المركز 27 وتشترك معها الإمارات العربية المتحدة على نفس المركز 27، والبحرين على المركز 53، وعُمان على المركز 61، والكويت على المركز 66 وتشترك معها المملكة العربية السعودية على نفس المركز 66.وتعاني دول مجلس التعاون الخليجي من انتشار البيروقراطية والروتين، وهذا بدوره يدفع الناس للجوء إلى الواسطة لتسهيل عملية سير الإجراءات الرسمية بيسر وسرعة. كما تعتبر قضية الاحتكار واحدة من المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، ففي أغلب الأوقات، يمتلك عدد قليل من الأفراد، خصوصا النخبة في كل بلد خليجي، الأعمال التجارية الضخمة في القطاع الخاص وفي القطاعات الأساسية، لأن الحدود الفاصلة بين ممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة نادرا ما يتم تحديدها بشكل واضح.وغالبا ما يمنحهم هذا الوضع أفضلية غير عادلة أمام منافسيهم مما يجبر الأفراد العاديين من الناس لاستخدام الواسطة من أجل أن تكون لديهم القدرة على تأسيس أعمال مماثلة لتلك التي تمتلكها النخب، أو قد يخلق هذا الوضع الغيرة وينشر حالة من السخط وقد يتطور هذا ليؤدي إلى عدم الاستقرار في الدولة.إن واقعاً كهذا قد يتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي أن تعمل على إغلاق جميع المنافذ التي تسمح بانتشار الفساد في أجهزتها، كما ينبغي وضع السياسات التي تشجع على ممارسة الشفافية في التعاملات الحكومية موضع التنفيذ. وقد أنشأت قطر هيئة الشفافية والرقابة الإدارية التي تعمل على محاربة الفساد في المؤسسات الحكومية والتعامل مع الموارد المالية الحكومية، كما قامت بمراجعة الكثير من القوانين واللوائح التي تنظم النشاطات التجارية والاقتصادية، ومنها قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ومشروع قانون التسعير الجبري وتحديد الأرباح وغيرها من القوانين التجارية بهدف القضاء على الجشع والاحتكار ومحاربة كافة أشكال الفساد. وفي ذات الوقت، يجب معالجة مشكلة التضخم في القطاع الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي للتخلص من حالات عدم الكفاءة والعيوب الإدارية والترهل القائم في هذه الأجهزة.