13 سبتمبر 2025
تسجيلنعلم أن الشركات التجارية هي كيانات أنشئت من أجل ممارسة أنشطة تجارية وفق ما يسمح به المشرع، وحسب الأنواع المقررة ضمن قانون الشركات التجارية، وهي غالبا ما تكون ذات شخصية واسم ومالية مستقلة عن تلك التي تتعلق بالأشخاص الذي يعتبرون شركاء فيها. ففي أحد أنواع الشركات التجارية وهي الشركة ذات المسؤولية المحدودة، نجدها تتأسس من أجل ممارسة نشاط تجاري أو أكثر وتكون لها شخصية معنوية واسم وذمة مالية مستقلة عن أصحاب الرأسمال فيها، ولا يتأثر وجودها أو انتهاؤها بهم إلا في حالات استثنائية. ولكن هنالك حالات لا يقرر فيها الأشخاص الطبيعيون إنشاء شركة تجارية، ولا تذهب نيتهم إلى ممارسة نشاط تجاري في إطارها، لكن مع ذلك يعاملهم المشرع على عكس نيتهم، ويخضعون لقواعد قانون الشركات. ليست الشركات التجارية فقط تلك التي تشهر وجودها في السجل التجاري وتتخذ اسما وشكلا منصوصا عليه في القانون، لكن هنالك شركات تجارية ليس ذات اسم معين، وليست لديها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء فيها، وقد لا تكون لديها ذمة مالية خاصة بها، رغم أنها من الناحية الواقعية موجودة، حيث اتفق شخصان أو أكثر على تخصيص جزء من ذمتهما المالية -أو لم يتفقوا على ذلك ولكن الواقع فرض عليهم الأمر- من أجل ممارسة نشاط تجاري معين يدر عليهم أرباحا أو خسائر مشتركة، لكن كل هذه العملية تتم بشكل مستتر، سواء بقصد أو عن غير قصد، إنما أهم ما يميزها أن الغير لا يعرفها، وحتى وإن عرف بوجودها من الناحية الواقعية فإنه في معاملته أو علاقته معها يكون في مواجهة الأشخاص الطبيعيين الذي تعاملوا معه باسمهم ولحسابهم. وقانون الشركات لم يغفل تنظيم هذا النوع من الشركات التجارية، لكنه لم يلزمها باتباع نفس الإجراءات التي تتبعها باقي الشركات، وذلك لأنها لم تنشأ بشكل طبيعي مثل الشركات الأخرى، بل في الغالب تكون المعاملات المالية والتجارية التي تمت بين عدد من الأشخاص قد أفرزت هذه الشركة للوجود. ويطلق المشرع على هذا النوع من الشركات التجارية تسمية «شركة المحاصة» وتعرفها المادة 53 من قانون الشركات التجارية كما يلي: «شركة المحاصة هي شركة مستترة لا تسري في حق الغير، ولا تتمتع بالشخصية المعنوية، كما لا تخضع لأي من إجراءات الشهر». وتتواجد شركة المحاصة غالبا في المناطق البدوية والمناطق الساحلية في ظل ممارسة بعض القاطنين فيها لأنشطة تجارية معينة من قبيل تربية المواشي وبيعها للغير، وتجهيز السفن من أجل تأجيرها لصيد اللؤلؤ. لكن المسألة الخطيرة في الأمر أنه في بعض الحالات لا يعلم هؤلاء الشركاء أنهم يمارسون نشاطا تجاريا، خصوصا إذا كانت تلك الأنشطة لا تتم بشكل مستمر ومتكرر، فيترتب عن ذلك في حال نشوب نزاع أو عند الحاجة إلى الإثبات أن القانون يعاملهم معاملة التجار، ويعتبر أن أي خلاف نشب بينهم هو خلاف بين تجار أو شركاء في شركة تجارية تسمى شركة المحاصة، ويترتب عن ذلك أن القانون الذي يحكم علاقاتهم هو قانون الشركات التجارية وقانون التجارة، وغيرها من القوانين ذات صلة، وأن الاختصاص القضائي في تلك الحالة ينعقد لمحكمة الاستثمار والتجارة، رغم أنهم في الحقيقة أشخاص طبيعيون اعتقدوا أنهم في إطار معاملة مدنية عادية، لكن العكس هو الصحيح.