18 سبتمبر 2025

تسجيل

صورة العرب والمسلمين في الإعلام الفرنسي .. ماذا يريد؟

18 نوفمبر 2022

المتابع لوسائل الإعلام الفرنسية هذه الأيام يلاحظ الحملة الدعائية التي تشنها على دولة قطر بسبب تنظيمها لكأس العالم 2022، التي لم يبق عليها سوى أياما معدودة وتنطلق لأول مرة في الشرق الأوسط، إذ تعد قطر الدولة العربية والإسلامية الأولى التي تحدت الجميع لأجل تنظيم هذه البطولة العالمية على الأراضي القطرية، مما جعل العالم يتجه نحو هذه الدولة الصغيرة التي كافحت لأجل أن تكون في الموعد، ولكن في كل مرة يخرج علينا الإعلام الأجنبي بقصص غريبة في تغطيته لمثل هذه الأحداث العالمية أو في تناوله للقضايا المتعلقة بالعرب والمسلمين، حيث يتعامل بنوع من الازدواجية في تناول القضايا العالمية، فكلما تعلق الأمر بالعرب والمسلمين إلا وظهرت أقلام مأجورة تحاول تنميط صورة العرب والمسلمين وتشويه صورتهم بأي طريقة. ومن خلال مسح مجموعة من الدراسات العلمية في الوطن العربي، التي تناولت محتوى وسائل الإعلام الفرنسية في السنوات الأخيرة، حيث تكشف لنا هذه الدراسات عن الخلفيات السياسية والتاريخية والحضارية التي تدفع بالإعلام الفرنسي بمختلف وسائله إلى التمرد على ضوابط وأخلاقيات العمل الإعلامي النزيه، ومحاولة التأثير في الرأي العام العالمي بأي طريقة كانت، ولو على حساب القوانين ومواثيق الشرف ومدونات السلوك، فهذا الإعلام بالأمس القريب كان يحارب لأجل حرية التعبير والشفافية واحترام معتقدات الآخرين وعاداتهم وتقاليدهم، ولكن بمجرد يتعلق الأمر بالمسلمين والعرب تجدهم ينقلبون على مبادئهم. في دراسة علمية موسومة بتَمثُّلات الإعلام الفرنسي لهجمات باريس: تمجيد الأنا والتخويف من الآخر؛ سعت هذه الدراسة إلى الكشف عن تداعيات الهجمات التي وقعت في باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في الخطاب الإعلامي الفرنسي والتعرف على مضمراته، والايديولوجيا التي تتحكم في انتاج هذا الخطاب وفي اتجاهاته انطلاقا من اللون السياسي للوسيلة التي أنتجته. ومن أهم ما توصلت إليه هذه الدراسة أنّ صفة القائل وكيفية القول لهما تأثير كبير في تلقي المقول وتأويله وفهمه، خاصة أن الخطاب المدروس اتفق في أشياء واختلف في أشياء أخرى حسب المنطلقات الفكرية والسياسية، فكان خطاب الوصف للحدث، وخطاب التمجيد لفرنسا وللفرنسيين المولودين في فرنسا، والخطاب الذي يدعو إلى إعادة النظر في إمكانيات جهاز الأمن الفرنسي والأوروبي. ووراء هذه الخطابات يختفي خطاب آخر ينشر الخوف من الإسلام والمسلمين ويدعو إلى الاستعداد لمواجهة تحدﱟ ثقافيﱟ قادم في ثوب حرب مسلحة ولكن هدفه تدمير فكر وثقافة الشعب الفرنسي. (عبيدي، 2016) فهذه الدراسة العلمية تكشف بأن الخطابات التي تناولتها وسائل الإعلام الفرنسية بعد هجمات باريس تحذر من المسلمين والعرب المتواجدين في فرنسا، وتدعو إلى ضرورة الحذر منهم، لأن الخطر لا يأتي سوى من المسلمين والعرب، وهذا الخطاب يعتبر في حد ذاته دعوة إلى التحريض على العنف والقتل، بحكم أن الإعلام الفرنسي يترصد مثل هذه الأحداث لأجل تشويه صورة الإسلام والمسلمين وكل معتقداتهم. وفي دراسة علمية أخرى بعنوان: اتجاهات التغطية الإعلامية نحو قضايا الدول الإسلامية في العالم الغربي الناطقة باللغة العربية ودورها في تشكيل الصورة الذهنية لدى الجمهور: دراسة تحليلية للمواد الإخبارية في موقع قناة فرانس 24؛ وقد هدفت هذه الدراسة إلى معرفة اتجاهات التغطية الإخبارية لقضايا الدول الإسلامية من قبل موقع الإخباري لقناة فرانسا 24، والكشف عن طبيعة هذه التغطية، والمواضيع التي يتم تداولها في موقع هذه القناة، مع تحديد سياقات إنتاج المحتويات الإعلامية الخاصة بقضايا الإسلامية. وقد خلصت هذه الدراسة إلى أنّ الموقع الإخباري لقناة فرنسا 24 ركز في تغطيتها على القضايا الأمنية والسياسة، والأخبار المتعلقة بالإرهاب، كما كان اتجاه التغطية سلبيا نحو قضايا العالم الإسلامي بشكل صريح وضمني. كما ركزت موقع القناة الإخباري على الأشخاص العاديين في العالم الإسلامي وقدمت الشخصيات الفاعلة في المشهد السياسي للدول الإسلامية بصورة غير لائقة، واعتمد هذا الموقع الإخباري على وكالة الأنباء الفرنسية كمصدر أساسي في هذه التغطية، وزيادة على ذلك كان يلجأ للأرشيف من أجل بناء صورة سلبية عن المسلمين. ومن أهم الاستمالات التي اعتمد عليها؛ استمالة التخويف، التكرار والتأكيد لأجل استدراج الجمهور العربي المسلم. (بويحي و كيحول، 2021) فهذه الدراسة العلمية أيضا تشير إلى أن الإعلام الفرنسي يحاول بكل وسائله وطرقه لأجل ضمان تغطية سلبية عن مختلف القضايا المتعلقة بالمجتمعات العربية والإسلامية، وتقديم حقائق وأدلة غير صحيحة لأجل تزييف الحقيقة والتأثير على الرأي العام العالمي، ويلجأ إلى توظيف بعض الأقلام المرتزقة التي تعيش على الأراضي الفرنسية في محاولة للبحث عن الشرعية المفقودة. وفي دراسة علمية أخرى موسومة بصورة الإسلام والمسلمين في الخطاب الإعلامي الفرنسي: الأبعاد والتمثلات؛ سعت هذه الدراسة إلى رصد القضايا التي تعاطى معها الإعلام الفرنسي، حول الإسلام والمسلمين وبحث طبيعة خطاباته، وقد طرحت الدراسة سؤالا محوريا: ما هي أبعاد صورة الإسلام والمسلمين في الخطابات الإعلامية لكل من صحيفتي لوفيغارو ولوموند الفرنسية؟ وقد تفرع عن هذا السؤال معرفة بنية الخطاب الإعلامي عن الإسلام والمسلمين والقضايا التي تم تداولها، والوقوف عند الأبعاد الفكرية والنفسية المنتجة لهذا الخطاب وأساليب تحقيقه. ومن أبرز ما توصلت إليه هذه الدراسة تَمثّل تنامي ظاهرة الإرهاب، والصورة النمطية التي تروج لها الصحافة عموما والصحافة الفرنسية لارتباط الظاهرة بالإسلام، أحد أبرز العوامل المفسرة لاهتمام الصحيفتين بموضوع الدراسة، اتفقت الصحيفتان في استغلال الأخبار والتقارير والربورتاجات والتعليقات عليها لإبراز مخاوف المجتمع الفرنسي من تنامي ظاهرة الإسلام المتعصب، بطريقة تخدم اجندتهما السياسية والإعلامية، كما أنه رغم تباين الخطّ التحريري والمرجعيات السياسية للصحيفتين حيّز الدراسة، ومنطلقاتهما لقراءة قضايا الاسلام والمسلمين في فرنسا إلا أنهما تطرحان نفس المحاذير، من تمدّد الإسلام وتنامي ديمغرافيا المسلمين وتوسّع هامش حضور الخطاب والممارسات الاسلامية بأشكالها المختلفة والتعبيرات ذات الصلة في المجتمع الفرنسي (حمدي، عكوباش، و زماموش، 2021). من خلال هذه الدراسة العلمية يتأكد لنا أن الإعلام الفرنسي ليس قادرا على تغطية مشاكل المجتمع الفرنسي ومعاناته، ويحاول الاستثمار في قضايا الإرهاب لأجل تحسين صورة النظام الفرنسي في الخارج وتقديم صورة إيجابية على أن المجتمع الفرنسي يعيش حالة من الاستقرار، وأن ما يحدث من فوضى على الأراضي الفرنسية سببها العرب والمسلمين ولهذا لا نتفاجأ من الحملات الدعائية التي يتم الترويج لها ضد المسلمين والعرب في كل مناسبة لأجل شراء السلم داخل المجتمع الفرنسي. وفي دراسة علمية أخرى بعنوان: صورة الإسلام في الصحافة الغربية: صحيفةLe Monde Diplomatique الفرنسية نموذجا؛ اهتمت هذه الدراسة بمعرفة الكيفية التي تتصور بها صحيفة لوموند ديبلوماتك الفرنسية الدين الإسلامي، والعوامل التي تبرر هذه التصورات؛ من خلال التعرف على مدى تناول هذه الصحيفة لصور الإسلام في مقالاتها، واتجاهها نحو الإسلام، ومدى مساهمة هذه الصحيفة وصحف أخرى في انتاج ظاهرة الإسلاموفوبيا. ولأجل ذلك صاغ الباحث فرضيات للإجابة على الإشكال المطروح تمثلت في: أن ّصحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية تنظر إلى الإسلام بصورة نمطية سلبية يغلب عليها طابع الإسلاموفوبيا، وأنه دين تخلف وإرهاب، تعصب، وعنف، واضطهاد للمرأة؛ يستند في ذلك إلى مبررات تاريخية، وأخرى إيديولوجية، إضافة إلى واقع المسلمين وبخصوص الجالية المقيمة على التراب الفرنسي. ومن أهم الاستنتاجات التي وصلت إليها الدراسة صحة الفرضيات التي وضعتها؛ حيث إن صحيفة لوموند ديبلوماتيك غلب على محتوياتها التي تناولت فيها قضايا الإسلام والمسلمين الطابع العدائي لهؤلاء ولدينهم، كما عبرت عن اتجاهها السلبي نحو كل ما هو إسلام وما يرتبط به؛ وبالتالي تكوين صورة مشوهة عن الإسلام تتماشى مع تصور الصحيفة. أما عن مبررات هذه الصورة والموقف السلبي؛ فهو الصراع الفكري الإيديولوجي بين الإسلام وبقية الديانات الذي ترجع جذوره التاريخية إلى زمن بعيد، وهذا ما يترجم في خطابات وسائل الإعلام الفرنسية والذي يظهر بصفة صريحة وضمنية حول الإسلام والمسلمين، وزيادة على هذا فإن واقع المسلمين وبعض الأحداث التي استهدفت فرنسا ودول غربية أخرى ساهمت في تشكيل صورة السلبية عن الإسلام والمسلمين. (بن عيشة، 2015) هذه الدراسة أيضا تكشف لنا عن الوجه الخبيث الذي يختفي خلفه الإعلام الفرنسي في تناوله لقضايا العرب والمسلمين، فلم تسلم منه دولة قطر في تنظيمها لكأس العالم 2022، فهذا الإعلام لا تهمه حقوق العمال في العالم وهو يدرك بأن حقوق العمال لم تحترم على الأراضي الفرنسية، وأيضا لا يهمه حقوق المثليين وهو الذي ينادي في كل مناسبة بضرورة احترام العادات والتقاليد والقوانين والتشريعات من طرف الجاليات المقيمة في فرنسا، وأيضا لا يهمه المناخ السائد في قطر أو غيرها وإنما يبحث عن رشاوي من دول أخرى لأجل دعم مؤسساته الإعلامية التي تتخبط في الإفلاس وشراء الأقلام المأجورة، وأيضا لا يهمه جاهزية دولة قطر لتنظيم كأس العالم وإنما يحاول قدر المستطاع منع الجمهور من التنقل إلى دولة قطر من خلال الترويج للأكاذيب والشائعات حول عدم قدرة قطر على تنظيم كأس العالم. ونختتم هذا المقال بهذه الدراسة العلمية الموسومة بـ الإسلاموفوبيا في السينما الفرنسية بين التناول الموضوعي والتضليل الإعلامي. وقد هدفت الدراسة إلى معرفة تناول السينما الفرنسية للإسلاموفوبيا، وقد تم تحليل فيلم اللاندماج وقد تمّ التّوصل لعدة نتائج نذكر أبرزها: مساهمة مؤسسات الدولة الفرنسية في خلق التعصب والتطرف لدى الشباب الفرنسي بسبب سياسة التعامل العنصري والتهميش. وجسد الفيلم نوعين من الإسلام، الإسلام المعتدل، والإسلام المتطرف والعنيف من خلال مشاهد متعددة قدمتها شخصيات مختلفة، وأيضا تناول الفيلم صراع الهوية والاندماج في المجتمع الفرنسي، إذ تمثل مفهوم الاندماج في التخلي عن الهوية الثقافية خاصة الانتماء الديني والانصهار التام في الثقافة الغربية وذلك بممارسة العلاقات الجنسية وأكل المحرمات. (فوال و بورقعة، 2020) وهذه الدراسة أيضا تكشف لنا عن الوجه الأسود لمختلف مؤسسات الإعلام الفرنسية التي تحاول بكل الطرق لأجل تقديم صورة سلبية عن الفرد العربي المسلم وعن ثقافته وبيئته وطريقة لباسه وأكله وعلاقاته، وهذا ما تسعى له من خلال السينما والتغطيات الإخبارية والتحقيقات الصحفية، والاعتماد على قوة الآلة الإعلامية في فرنسا لتجسيد هذا المشروع الصهيوني الفرنسي، وقد نجحت هذه الوسائل في غرس صورة نمطية سلبية عن المسلمين في مخيال الآخر. وحاليا تحاول التأثير على الرأي العام العالمي في دعوته لمقاطعة كأس العالم التي سيتم تنظيمها على الأراضي القطرية من خلال تقديم حجج واهية وكاذبة تتعلق بحقوق العمالة الأجنبية وحقوق المثليين، وقضية المناخ والتلوث في دولة قطر، وأيضا عدم جاهزية قطر لتنظيم هذه التظاهرة الرياضية، ولكن كل هذه الشائعات التي تم إنتاجها في مخابر فرنسية ستسقط قريبا على الأراضي القطرية، لأن كأس العالم في قطر ستكون نسخة فريدة من نوعها في تاريخ كأس العالم. جامعة قطر