13 سبتمبر 2025
تسجيلإن السلك الدبلوماسي العربي يفتقر في صورة عامة إلى الرجال الذين يتمتعون بالموهبة الدبلوماسية، وهذه الموهبة لا تُكتسب بالشهادة ولا المحاباة ولا الانتخاب ولا التزكية، بل هي كياسة وحكمة وفطنة تولد مع الإنسان بالفطرة، وتُصقل بعد ذلك بالعلم في جامعات الدبلوماسية والسياسة الدولية، ثم كثرة القراءة والاطلاع على ضروب المعرفة السياسية والاقتصادية والثقافية الدولية. إن الأسلوب السيئ في اختيار الدبلوماسي العربي، والذي يتمثل في الضعف الظاهر في مستوى المعرفة القانونية والسياسية واللغوية والثقافية والاقتصادية والدولية لدى القسم الأعظم من الدبلوماسيين العرب جعل من المنظومة الدبلوماسية لدى بعض الدول مجرد بروتوكول دولي تفرضه عليهم التكتلات الدولية ومع تحرك بسيط للأغلبية يميناً وشمالاً دون مكاسب دبلوماسية تستحق الإشادة أو تعود بالمنفعة على العلاقات العربية العالمية، مع أن ديننا الإسلامي سبق كافة النظم الوضعية في انتقائها للسفراء والمبعوثين انتقاء أساسه الصفات الاستثنائية التي تنأى بالمبعوث الدبلوماسي بما يرقى بدولته وتجعله أقدر على أداء مهمته الدبلوماسية بشيء من التميز والإعجاب والمنافع المتبادلة بين الدولتين. لذلك عند مقارنتك بين واقع عصرنا الدبلوماسي العربي اليوم وعصور الإسلام وما بعده من الخلافات والدول الإسلامية المتتابعة كان العرب الأوائل في الإسلام والحضارات الخالدة لديهم منهج دبلوماسي ذو قواعد دقيقة، وجرت على ارفع الأسس وأعظمها وأنبلها تفوق ما هو عليه من دبلوماسية عالم اليوم. عندما كنا قادة نقود العالم نظمت الدبلوماسية الإسلامية بالحكمة والتروي والحنكة والعدل والعلم الأمور السياسية، وهي أول من اهتم بالسفارات الدبلوماسية ومن هي العقول التي داخل هذه السفارات، لذلك جاءت المبادئ الإنسانية العالمية، وخرجت بنا إلى ميادين أرحب وأفسح وتطورت الدولة في العلاقات الدولية، والسبب أن الدولة الأولى استخدمت نظاماً متكاملاً شاملاً أثمر إبداعا أوروبياً وغربياً، طوروا فيها مراحل الدبلوماسية الإسلامية، فتناول علماء الفقه القانوني والدبلوماسي في العالم وبعد عمل دؤوب وجهود مضنية استمرت عشرات السنوات في البحث والدراسة والعلم والمعرفة وانتهت بتقنين هذا النظام الذي كان يمثلنا في السابق انتهى في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام ١٩٦١ م وأثمر تمتع أعضاء البعثات الدبلوماسية بحصانات وامتيازات أثناء فترة عملهم، وبالتالي انعكس ذلك على العمل الدبلوماسي، والذي لم يُعد مقتصراً على الدبلوماسيين المحترفين من موظفي وزارة الخارجية بل شمل أيضاً الدبلوماسيين المؤقتين من الوزارات الأخرى حتى أصبحت البعثة الدبلوماسية حالياً جهازاً من أجهزة إحدى شخصيات القانون الدولي العام بهدف إقامة العلاقات الدبلوماسية بصورة أنفع وأشمل. وبما أن الدبلوماسي يقوم بدور بارز وفعّال في توطيد العلاقات الدولية، لذا لا يمكننا أن نتجاهل أثر التقارير التي يرفعها الدبلوماسي إلى أجهزة دولته، والتي تؤثر في توجيه سلوك هذه الدولة وتصرفاتها، لذلك فإن الدبلوماسية سلاح، وهذا السلاح قد يكون أنفع وأقوى وأجدر من القوة العسكرية. - عندما تطرقت لموضوع رسالة الماجستير في القانون الدبلوماسي من سنوات طويلة وجدت أن هذه الدراسة المحددة تتطلب انعطافات كثيرة ليست بالأمر الهيّن السهل، فهناك إشكاليات دولية وسياسية وتاريخية كثيرة في الدبلوماسية العالمية وكيفية إدارتها ولعب الأدوار المتغيرة فيها، فمهما حاول الباحث الدبلوماسي الوصول إلى استقراء لواقع مهمته سوف يجد الكثير من العراقيل والصعوبات، خاصة في المواضيع المتعلقة بالعلاقات والمصالح والمسائل والموضوعات الثنائية بين الدولتين على كافة الأصعدة والمستويات، لذلك يكتفي بعض الدبلوماسيين العرب بمعرفة طبيعة الحصانة الدبلوماسية، والتي هي استثناء يرد على سيادة الدولة فيبيت آمناً في سربه نتيجة إعفائه من سلطان الدولة واختصاصاتها القضائية. إن الممارسة الدولية المطردة أدت إلى ظهور مزيد من القواعد الجديدة، كما اختفت بعض القواعد العرفية الدبلوماسية وبعض القواعد التي كانت تعتبر أساسية أصبحت الآن ثانوية بالنسبة للغرب ودول العالم الأخرى. مستشار وخبير قانوني [email protected]